النظام القانوني للدفتر العائلي
سي محمد الحيان
دكتور في الحقوق
مقـــــــدمـــــــة
تقوم الإدارة بأنشطة متعددة يمكن تصنيفها إلى قسمين، أنشطة المرفق العام، وأنشطة الضبط الإداري، ويستلزم أداء هاتين الوظيفتين، قيام الإدارة بالكثير من العمليات القانونية التي تتضمن العديد من الأعمال المادية والقانونية, ولما كان مرفق الحالة المدنية من أهم مرافق الدولة، والتي تسعى إلى تطويره باستمرار فقد مر النظام القانوني المنظم لهذا المرفق، بعدة مراحل تاريخية كان أخرها إصدار قانون 37-99 [1]،والذي وضع حدا لقوانين عهد الحماية التي كانت تقوم على التميز بين المغاربة والأجانب في الاستفادة من نظام الحالة المدنية ، فضلا عن الطابع الاختياري الذي كان يتسم به هذا النظام[2]. وقد جاء القانون الجديد للحالة المدنية بعدة تعديلات ، حيث عرف ولأول مرة نظام الحالة المدنية ” بأنها نظام يقوم على تسجيل و ترسيم الوقائع المدنية الأساسية للأفراد من ولادة ووفاة وزواج وطلاق وضبط جميع البيانات المتعلقة بهذه الوثائق من حيث نوعها وتاريخ ومكان حدوتها في سجلات الحالة المدنية”[3].
ولم يظهر نظام الحالة المدنية في المغرب كمؤسسة قانونية، إلا بعد فرض الحماية الفرنسية عليه[4] وكان إحداثها من بين الأعمال الأولى التي قامت بها السلطات الفرنسية، حيث كان الهدف منها توثيق الأحوال المدنية للفرنسين والأجانب بشكل رسمي وعصري يضاهي الشكل الذي كان في فرنسا آنداك ، وبعد الاستقلال عمدت السلطات المغربية إلى تعميم هذا النظام العصري على كافة أرجاء المملكة وبقي المغاربة خاضعين لمقتضيات ظهير 8 مارس 1950 والذي كان يعتبر امتدادا لظهير 4 شتنبر 1915 أما بخصوص المناطق الشمالية فتم دمجها في نظام الحالة المدنية بمقتضى ظهير 21 يوليوز [5]1959 , تم المناطق الجنوبية بتاريخ 1 يناير 1961 وبعد ذلك صدر ظهير 1963 الذي ألغى كتابة الرسوم باللغة الفرنسية. ومن أهم التحولات التي عرفها نظام الحالة المدنية بالمغرب صدور الميثاق الجماعي[6] بتاريخ30 شتنبر 1976 ، والذي أعطى لرؤساء الجماعات المحلية مهمة ضباط الحالة المدنية، كما صدرت عدة نصوص تنقيحية أو تعديلية فرضتها الظرفية والتطور . ويبقى قانون 37-99 من أحدث القوانين التي تنظم مرفق الحالة المدنية، إضافة إلى المرسوم التطبيقي الذي جاء ليفسر ويكمل القانون السابق، وقد عالج القانون الجديد للحالة المدنية بعض العيوب الموضوعية التي كانت في النظام السابق فاستحدث أحكام جديدة واستوفي مسائل ناقصة وجمع نصوصا متناثرة[7].
وان كان القانون الجديد استبقى أحكاما كانت في القوانين السابقة، فإنه طور أحكاما أخرى لتتماشى مع العصر والمتطلبات الدولية ومن بين هذه الأحكام نجد كناش التعريف والحالة المدنية حيث عمل القانون الجديد إلى تطوير هذه الوثيقة الأساسية وجعلها وثيقة عائلية تخص العائلة بدلا عما كانت عليه من قبل حيث كانت تعتبر وثيقة تخص الزوج .
والدفتر العائلي هو وثيقة من الوثائق التي نص عليها القانون 37-99 إلا أنه لم يرد له تعريفا، واكتفى بتحديد شروط و مسطرة الحصول عليه،و تكمن أهمية هذه الوثيقة في كونها من وثائق الإدارية القليلة التي ساوت بين الزوجين في إمكانية الحصول عليها ،وهو عبارة عن بطاقة تعريف خاصة بالأسرة ومن أهميته كذلك كونه يبقى مرجعا أساسيا يعتمد عليه في استخراج وثائق أخرى ، وإعادة تأسيس سجلات الحالة المدنية عند ضياعها ، أما أهمية هذه الدراسة فتتجلى في قلة الدراسات التي بحثت في موضوع الدفتر العائلي، إذ تعتبر هذه الدراسة، الدراسة الثانية التي عالجة موضوع الدفتر العائلي بعد مقال للأستاذ محمد الشافي، ومن أهميتها كذلك أنه جاء بعد مرور مدة غير بسيطة على تطبيق نظام الدفتر العائلي بالشكل المنصوص عليه في قانون 37.99 ، حيث ظهرت مجموعة من الإشكاليات الواقعية والقانونية المرتبطة بتسليم وتكوين هذا الدفتر وتعتبر هذه المقالة مناسبة لمعالجة هذه الإشكاليات الواقعية والقانونية ومحاولة إيجاد الحلول والإجابة عن أسئلة الكثير من المهتمين، ومن أهم هذه الإشكاليات والتي ارتأينا معالجتها في هذا الموضوع الاشكالية التالية :” إلى أي حد يمكن القول أن المقاربة القانونية للدفتر العائلي ساهمت في تفعيل الدور الذي احدث من أجله و في كونه آلية لخلق التوازن بين أفراد العائلة , وكمرجع أساسي يؤرخ للحياة المدنية للعائلة”.
و لمعالجة هذا الموضوع ارتأينا تقسيمهم إلى مبحثين .سنتطرق في المبحث الأول إلى النظام القانوني للدفتر العائلي في حين سنعالج في المبحث الثاني محدودية هذا النظام وسبيل تطويره.
المبحث الاول : النظام القانوني للدفتر العائلي
لقد نظم الدفتر العائلي بمقتضى قانون الحالة المدنية رقم 37.99 حيث حدد هذا القانون مكونات الدفتر و مسطرة تكوينه و تسليمه (المطلب الأول) كما حدد الأشخاص المتدخلين في تكوينه و مراقبته(المطلب الثاني).
المطلب الأول : مكونات الدفتر العائلي و مسطرة تكوينه و تسليمه
الفرع الاول : مكونات الدفتر العائلي
يعتبر الدفتر العائلي وثيقة من الوثائق الرسمية الأساسية التي جاء بها قانون الحالة المدنية، فهو عبارة عن كناش ذي شكل موحد ومحدد، تسجل به البيانات الأساسية ومحرر باللغة العربية والأحرف اللاتينية[8] ويضم الدفتر العائلي مجموعة من البيانات نص عليها القانون، حيث جاء في المادة 23 من القانون 37-99 ” يحدث دفتر عائلي للحالة المدنية يحرر باللغة العربية مع كتابة الأسماء الشخصية والعائلية ومكان الولادة وأسماء الأبوين بالحروف اللاتينية “[9] ، وأضافت المادة 29 من المرسوم التطبيقي للحالة المدنية مايلي ” تضمن في الدفتر العائلي البيانات التالية محررة باللغة العربية وبالأحرف اللاتينية, بيان عن ولادة صاحب الدفتر وبيان وفاته بعد تسجيل رسم الوفاة ، بيانات موجزة عن الزواج وبيان انفصام عرى الزوجية في حالة وقوعه، موجز رسم ولادة الزوجة أو الزوجات وبيان الوفاة بعد تسجيل وفاة الزوجة أو الزوجات، رقم بطاقة التعريف الوطنية لكل من الزوج والزوجة – موجز رسم ولادة كل واحد من الأبناء وبيان وفاتهم بعد تسجيل رسوم وفاتهم – تاريخ تسليم الدفتر والمكتب الذي سلمه وإسم وصفة ضابط الحالة المدنية وتوقيعه “[10]وقد تم تدعيم هذين النصين بقرار لوزير الداخلية[11] يحدد نموذج الدفتر العائلي و شكله و مضمون كل صفحاته.
يتضح مما سبق أن الدفتر العائلي يتضمن جميع البيانات الأساسية المتعلقة بأفراد العائلة , فالمشرع انتقل من نظام كناش التعريف و الحالة المدنية الذي كان يخص الزوج وحده، حيث كانت الزوجة لا تسجل فيه إلا بعد ولادة الابن الأول، إلى نظام الدفتر العائلي الذي يتضمن بيانات تخص الزوجة بل الزوجات في حالة التعدد، فالمشرع ساوى بين الزوجين في إمكانية الحصول على الدفتر كما سنرى لاحقا, و أراد بالدفتر العائلي أن يكون بمثابة بطاقة التعريف الخاصة بالعائلة ، وهنا العائلة بمفهومها الضيق حيث تشمل العائلة بمفهومها الضيق على الزوج والزوجة وأولادهما، وتوصف العائلة بهذا المفهوم من قبل الفرنسيين بالعائلة الزوجية La famille Conjugale ، وينطبق هذا المفهوم على السواد الأعظم من العائلات في المجتمعات الغربية المعاصرة ، وعلى نسبة مهمة من العائلات في بلادنا[12] ، لذلك أوجب القانون على الزوج الإدلاء بالدفتر عند حصول أي تغيير في المعلومات المضمنة في الدفتر، فهي غير ثابتة تتغير حسب ظروف الحياة ومستجداتها ، حيث تطرأ على العائلة مجموعة من الأحداث كالطلاق أو الوفاة أو إنجاب أبناء أو تغير في الاسم العائلي أو تصحيح أخطاء كانت تشوب رسم احد أفراد الأسرة ،وتختص المحكمة طبقا للمادة 36 من ق.ح.م. والمادة 821 من ق.م.م بإصلاح كل الأخطاء الجوهرية[13] وكذلك يختص وكيل الملك بتصحيح الأخطاء المادية[14] التي تشوب الرسوم ويقوم ضابط الحالة المدنية بإصلاح البيانات الصادرة بشأنها حكم مباشرة في الرسوم ، ويقوم إضافة إلى ذلك بتصحيح الدفتر العائلي أو كناش التعريف والحالة المدنية [15] ، ليواكب هذا الدفتر كل التغييرات الحاصلة في السجلات ، وقد تتعرض سجلات الحالة المدنية للضياع والتلف لسبب من الأسباب الأمر الذي يتطلب إعادة تأسيسها حفاظا على مصالح المواطنين المسجلين بها ويعاد تأسيس هذه السجلات بناء على حكم قضائي انطلاقا من النظائر المودعة في المحكمة، وفي حالة غياب هذه الأخيرة ، فإن إعادة التأسيس تتم بناءا على الملفات العائلية للمعنيين الموجودة بالمكتب، أوبناء على الدفاتر العائلية [16] وهنا تكمن أهمية تحين الدفاتر العائلية وتنقيحها بكل التغييرات الواقعة على الحالة العائلية والشخصية لكل أفراد العائلة ، و قد تم تخصيص صفحتان في آخر الدفتر لتضمين بيانات إضافية في حالة وجودها. وهذا ما أقره المشرع حيث نص على وجوب تقديم الدفتر إلى ضابط الحالة المدنية ليدرج فيه كل تغير يقع على الحالة المدنية والعائلية لصاحبه أو لأحد أفراد أسرته تحت طائلة غرامة تهديدية في حالة امتناعه عن هذا التقديم[17].
الفرع الثاني: مسطرة تكوين وتسليم الدفتر العائلي
تعد مسطرة تكوين الدفتر العائلي وتسليمه من أهم المساطر التي يجب ضبطها من طرف ضباط الحالة المدنية، حيث تنتج عن مخالفتها آثار قانونية معاقب عليها، كما تعتبر مخالفات قانون ، فمن الذي يسلم الدفتر العائلي ولمن يسلم ؟ وما هي الإجراءات والوثائق المطلوبة لإحداثه؟
تنص المادة 23 من ق .ح .م.على انه ” يحدث دفتر عائلي للحالة المدنية …. ويسلمه ضابط الحالة المدنية لمكان الولادة للزوج المغربي المسجل بالحالة المدنية إن كان لايتوفر على كناش التعريف والحالة المدنية” , و بناء عليه فان الضابط المسؤول عن تسليم الدفاتر العائلية هو الضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوج المغربي ، فلا يحق لغيره من الضباط تسليم هذه الوثيقة ، وفي حالة تسليمها تعتبر مخالفة قانونية يعاقب عليها القانون، على خلاف ما كان عليه الأمر في ضل ظهير 1950 حيث كان ضابط محل السكنى هو المختص بتسليم كناش التعريف و الحالة المدنية[18] .
إلا أن قانون رقم 37.99 اعطى لهذه القاعدة استثناء نصت عليه نفس المادة حيث أكدت أن الزوج المولود بالخارج والذي استقر نهائيا بالمغرب، وبمناسبة طلبه للدفتر العائلي فإن الضابط المختص بتسليم الدفتر العائلي هو ضابط محل سكناه ، ولا يسلم للشخص أكتر من دفتر واحد، وفي حالة ضياع الدفتر أو تلاشيه، يحق للمعني بالأمر بعد إثباته لواقعة الضياع، أو بعد تقديمه الدفتر المتلاشي، طلب نظير منه يسلمه ضابط الحالة المدنية الذي وضع الدفتر الأصلي، سواء كان الزوج داخل المغرب أو خارجه، ففي حالة الضياع يكون ضابط الحالة المدنية لمكان الولادة بالنسبة للمغربي المولود داخل المغرب، هو الذي يسلمه نظير للدفتر العائلي أما بخصوص الزوج المولود بالخارج والمستقر في المغرب فإن ضابط محل السكن، هو المسؤول عن تسليم النظير في حالة الضياع أو التلاشي.
بعد التطرق إلى الجهة المختصة بتسليم الدفتر العائلي، جاء الدور للحديث عن الاشخاص الذين يحق لهم الحصول على الدفترالعائلي،فحسب المادة 23 من ق ح م ، يسلم الدفتر العائلي للزوج المغربي المسجل بالحالة المدنية ،إن كان لا يتوفر عن كناش للحالة المدنية[19]، سواء كان مولود بالمغرب أو خارجه شريطة أن يكون مسجل بأحد المكاتب الخاضعة للقانون المغربي ، ويستشف من هذا المقتضى أن الزوج الغير مغربي لا يحق له طلب الحصول على دفتر عائلي، وإن كانت زوجته مغربية وأولاده مغاربة حاصلين على الجنسية الأصلية طبقا للمادة 6 من قانون الجنسية، إلا في حالة حصول هذا الزوج على الجنسية المغربية وتسجيله في نظام الحالة المدنية المغربي ، وباعتبار الدفتر العائلي وثيقة قانونية تخص الأسرة المغربية ولا تقتصر على الزواج, أعطى القانون الجديد للحالة المدنية الحق للزوجة الحصول على نظير للدفتر العائلي، بل ذهب أبعد من ذلك، فقد أعطى لها هذا الحق حتى بعد انتهاء العلاقة الزوجية، حيث يحق للمطلقة الحصول على نظير من الدفتر العائلي[20].
كما يحق للنائب الشرعي الحصول على نسخة من الدفتر العائلي مصادق على مطابقتها للأصل، والنيابة الشرعية عن القاصر، إما ولاية أو وصاية أو تقديم، ويقصد بالنائب الشرعي في أحكام مدونة الأسرة الولي وهو الأب والأم والقاضي ، أما الوصي فهو وصي الأب أو وصي الأم، والمقدم وهو الذي يعينه القاضي [21]، وهذا ما أكدته المادة 231 من مدونة الأسرة حيث اعتبرت أن صاحب النيابة الشرعية هو الأب الراشد والأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقدانه الأهلية , وصي الأب ووصي الأم إضافة إلى القاضي أو مقدم القاضي. أما في حالة وجود قاصر تحت الرعاية الفعلية لشخص أو مؤسسة يعتبر الشخص أو المؤسسة نائبا شرعيا للقاصر،و انطلاقا مما سبق نستنتج ان للنائب الشرعي الحق في الحالة التي يوجد فيها أحد الزوجين قاصر أن يحصل على نسخة من الدفتر العائلي، أو في الحالة التي يكون فيها الزوج أو الزوجة فاقدا للأهلية كالمجنون والمعتوه . كما يحق للمؤسسات العمومية المكلفة بالرعاية الحصول على نسخة من الدفتر العائلي إذا كان أحد الزوجين يدخل في رعايتها الفعلية كما تم مؤخرا إعطاء إمكانية تسليم الدفتر إلى المقر إقرار صحيحا مطابقا لمقتضيات المادة 165 من مدونة الأسرة [22] . هذا ويحدث الدفتر العائلي بطلب من المعني بالأمر، مرفقا ببعض الوثائق منها ماهو منصوص عليه صراحة في القانون، ومنها من نظم بدوريات لوزارة الداخلية، ومن أهم الوثائق المكونة للدفتر العائلي والمنصوص عليها في القانون نسخة كاملة من رسم ولادة الزوجة حيث نصت عليه المادة 30 من المرسوم والتي جاء فيها ” يرفق طلب الحصول على الدفتر العائلي بنسخة كاملة من رسم ولادة الزوجة ” ومن الوثائق الواجب الإدلاء بها بالإضافة إلى النسخة الكاملة للزوجة ، نسخة من عقد الزواج أو ثبوت الزوجية . وقد صدرت مؤخرا دورية عن وزارة العدل رقم 15864 بتاريخ 3 غشت 2010 حول إمكانية تسليم الدفتر العائلي بناء على إقرار بالبنوة دون توفر طالبه على عقد الزواج ،حيث نصت المادة 158 من مدونة الأسرة إنه “يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب….” وفي المادة 152 من نفس المدونة نصت ” أن أسباب لحوق النسب: 1-الفراش، 2- الإقرار، 3- الشبهة..”، وعليه فإن الإقرار يثبت به نسب المقر به وتترتب عنه كافة الآثار المترتبة عن النسب المنصوص عليه في المادة 54 من مدونة الأسرة . ومنها التسجيل في سجلات الحالة المدنية، وبذلك تترتب عليها كافة [23]الحقوق المادية والمعنوية والتي تكون واجبة على الأب . إذا عند تسليم الدفتر العائلي للمقر يكتفي ضابط الحالة المدنية بالإقرار بدلا عن عقد الزواج أو ثبوت الزوجية أو التقارر .كما يدعم ملف إحداث الدفتر العائلي بنسخة من البطاقة الوطنية لكل من الزوج والزوجة إضافة إلى الرسوم ويقدر ثمنها بخمسون درهم ، وفي حالة وجود أولاد نسخة موجزة لكل واحد من الأبناء أما بخصوص الوثائق المطلوبة لتغيير كناش التعريف والحالة المدنية بدفتر الحالة المدنية إضافة إلى الوثائق السابقة. كناش التعريف والحالة المدنية الذي يسحب ويودع في الملف العائلي للمعني بالأمر
المطلب الثاني : الأجهزة المتدخلة في تكوين ومراقبة الدفاتر العائلية.
الفرع الأول : الأجهزة المتدخلة في تكوين الدفتر العائلي.
يعتبر ضابط الحالة المدنية المتدخل الأساسي في تكوين الدفتر العائلي، ونقصد بضابط الحالة المدنية الشخص المكلف بتحرير رسوم الحالة المدنية، والبيانات الهامشية الملحقة بها وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بشأنها ومسك وصون سجلات الحالة المدنية، وتسليم نسخ رسوم الحالة المدنية والدفتر العائلي[24]. و يضطلع ضابط الحالة المدنية بمجموعة من المهام على رأسها تضمين البيانات الهامشية المتعلقة بالزواج وانحلال ميثاق الزوجية، والوفاة والحكم التنقيحي واستبدال الإسم العائلي وتصحيح وإدخال الأسماء العائلية والشخصية بالأحرف اللاتينية بالدفتر العائلي، إضافة إلى توقيع البيانات الهامشية بمجرد تحريرها، ويقوم كذلك بتصحيح الأخطاء المرتكبة في الدفتر العائلي أثناء تحريره،و قد أناط المشرع مهمة ضابط الحالة المدنية برؤساء المجالس الجماعية وذلك من أجل ضبط الأحوال المدنية للافراد، وينقسم ضباط الحالة المدنية إلى عدة أصناف ، هناك ضباط الحالة المدنية الأصليين، وهم رؤساء المجالس الجماعية طبقا للمادة 5 من قانون ح.م والمادة102 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، إضافة إلى باشا جماعة لكل من مشور مقر القصر الملكي[25].ومن الضباط الأصليون نجد كذلك الأعوان الدبلوماسيين والقناصل المنتمين إلى السلك الدبلوماسي المغربي العاملين بالخارج [26] أما الصنف الثاني من ضباط الحالة المدنية فنجد ضباط الحالة المدنية بالنيابة وهم أحد نواب رئيس المجلس الجماعي حسب الترتيب في التعيين كما نجد مساعد باشا جماعة المشور [27] أما خارج المغرب فيعتبر العون المباشر والمرسم للعون المزاول مهام ضابط الحالة المدنية بالنيابة بمركز دبلوماسي أو قنصلي مغربي [28] كما تنص المادة 2 من المرسوم التطبيقي للحالة المدنية، على صنف من الضباط وهم ضباط الحالة المدنية بالنيابة المستمرة حيث يمكن لوزير الخارجية أن يأذن كمقرر لرؤساء الأقسام الإدارية بالمراكز الدبلوماسية والقنصلية بالنيابة المستمرة عن الأعوان الدبلوماسيين والقناصل الذين يزاولون مهام ضابط الحالة المدنية[29] ، وتعهد مهام ضابط الحالة المدنية كذلك على رؤساء المقاطعات داخل الدائرة الترابية للمقاطعة وذلك بالنسبة للمدن المقسمة إلى مقاطعات[30].
والصنف الأخير من ضباط الحالة المدنية هم ضبا ط الحالة المدنية بالتفويض، ويستمد ضابط الحالة بالتفويض مهامه من ضابط الحالة المدنية الأصلي ،حيث يقوم هذا الأخير بتفويض التوقيع لأحد مساعديه أو لموظف مرسم يعمل بالمصالح الجماعية، وبالنسبة لجماعات المشور يفوض إلى مساعد الباشا ويتم هذا التفويض بواسطة قرار يتخذه رئيس المجلس الجماعي أو باشا جماعة كل مشور، وتوجه نسخة منه مرفقة بنموذج إمضاء المفوض إليه إلى كل من وكيل الملك لدى المحكمة المختصة محليا وإلى وزارة الداخلية نفس الأمر يسري على نواب رؤساء المقاطعات .
الفرع الثاني: الأجهزة المتدخلة في مراقبة الدفاتر العائلية.
يخضع ضباط الحالة المدنية في مزاولتهم لمهامهم، لمراقبة وإشراف سلطة المراقبة الادارية الممثلة في وزارة الداخلية على الصعيد المركزي ، وإلى مراقبة المفتش الإقليمي على الصعيد الإقليمي، أما بالنسبة لضباط الحالة المدنية من قناصل وأعوان ديبلوماسين المنتمين إلى السلك الدبلوماسي المغربي العاملين بالخارج ، فسلطة الوصاية المكلفة بمراقبة مهامهم نجدها ممثلة في شخص وزير الخارجية [31]. وهو ما نصت عليه الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 7 من ق ح م و التي تنص على انه “تقوم سلطة الوصاية على الجماعات المحلية على الصعيد المركزي والإقليمي بمراقية أعمال ضباط الحالة المدنية وتتبع سير مكاتبها ، يقوم وزير الخارجية بنفس المراقبة بالنسبة لمكاتب الحالة المدنية المغربية بالخارج “.
وتتمثل هذه المراقبة بخصوص الدفاتر العائلية أولا، بكون وزارة الداخلية هي المسؤولة عن تهيئة وطبع الدفاتر العائلية حسب النموذج المحدد بقرار لوزير الداخلية ، كما تتولى توزيعها على كافة مكاتب الحالة المدنية داخل المملكة وخارجها [32]، ويلعب المفتش الإقليمي دورا أساسيا في هذه العملية حيث يقوم بتحديد حاجيات الجماعات المحلية من هذه الدفاتر بناءا على الإحصائيات التي يرسلها ضباط الحالة المدنية شهريا إلى المصلحة الاقليمية اللحالة المدنية حول عدد الدفاتر المسلمة للمواطنين، ويقوم هذا الاخير بإرسال سنويا إلى قسم الحالة المدنية بالوزارة الداخلية بالعدد الإجمالي الذي يستهلكه الإقليم من هذه الدفاتر، وعلى إثرها يتم تزويد هذه المصلحة بالعدد المطلوب ويقوم المفتش بتوزيع هذه الدفاتر على المكاتب كل حسب الحصة التي يستهلك سنويا ، كما يقوم المفتش الإقليم عند توصله بإحصائيات التي تخص تسليم الدفاتر العائلية ، بمراقبة عدد الدفاتر المسلمة للمواطنين ويقارنها بالحصة المسلمة للمكتب ليعرف هل يتم إهدار الدفاتر أو الاستهتار في ملئها، ويبقى الضابط ملزم بتبرير الفارق الموجود . وهذا نوع من المراقبة القصد منه الترشيد في استعمال هذه الدفاتر إضافة إلى محاربة كل انواع الإبتزاز التي قد يتعرض لها المواطن من عدم توفرهابالعدد الكافي بمقر مكاتب الحالة المدنية اضافة الى منع كل تزوير قد يشوب هذه الدفاتر .
كما يلعب المفتش دورا كبيرا كذلك في مراقبة الوثائق المطلوبة في تكوين الدفتر ، فعند قيام المفتش بالزيارات التفتيشية يقوم من بين مهامه مراقبة الملفات العائلية، ويقوم بجرد الوثائق المكونة للملف فإذا لاحظ غياب بعض الوثائق الضرورية في الملف يقوم بتسجيل مخالفة ضد الضابط، كما يقوم بتحرير مخالفة إذا لاحظ وجود وثائق غير منصوص عليها في القانون والتي يطلبها بعض الضباط والتي ترهق كاهل المواطن، كطلب الصور الشمسية أو شهادة السكنى إلى غيرها من الوثائق.
ومن المتدخلين الأساسين في مراقبة الدفاتر العائلية نجد النيابة العامة حيث خول المشرع للنيابة العامة، مراقبة ضباط الحالة المدنية ،وهذا ما نصت عليه المادة 7 من ق.ح.م. حيث جاء فيها ” يراقب وكلاء الملك لدى المحاكم الإبتدائية أعمال ضباط الحالة المدنية داخل وخارج المملكة ” ومعنى ذلك أن وكلاء الملك داخل تراب المملكة كل في حدود دائرة نفوذه مكلف بمراقبة ضباط الحالة المدنية والمهام المسندة إليهم ، أما بالنسبة لمكاتب الحالة المدنية وضباطها خارج المملكة والمسندة أساسا للقناصلة والأعوان الدبلوماسيين بالقنصليات المغربية المعتمدة لدى الدول الأجنبية، فمراقبة ما يقومون به من مهام في مجال الحالة المدنية[33] قد أسنده المشرع إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، إذ نصت المادة 15 من ق.ح.م . على أنه ” يقوم وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط بالإجراءات التي تخضع لها سجلات الحالة المدنية الممسوكة من طرف المراكز الدبلوماسية والقنصليات المغربية بالخارج قبل استعمالها، وكذا بالمراقبة التي تمارس عليها بعد انتهاء العمل بها “. وبما أن نظام الدفتر العائلي من المهام الأساسية للضباط فهو بدوره يخضع لهذه المراقبة ، كما يتدخل رئيس المحكمة الابتدائية في مراقبة الدفاتر العائلية حيث أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة 23 من ق.ح.م وجوب تقديم الدفتر العائلي، وفي حالة الإمتناع عن تقديم هذا الدفتر يصدر رئيس المحكمة الإبتدائية في إطار المادة 148 من ق.م.م. أمرا بتقديم الدفتر إلى ضابط الحالة المدنية تحت طائلة الحكم بغرامة تهديدية.
المبحث الثاني : حدود المقاربة القانونية للدفتر العائلي وسبل تطويرها
ان دخول الدفتر العائلي حيز التطبيق أدى إلى ظهور عدة ثغرات قانونية على مستوى تكوين و تسليم الدفتر (المطلب الأول) كما بين هشاشة دور الدفتر العائلي كوثيقة إدارية (المطلب الثاني ).
المطلب الاول : قصور النظام القانوني للدفتر العائلي في تغطية جميع الفئات
الفرع الاول : حرمان بعض الفئات من الاستفاذة من الدفتر العائلي
تطرقنا سابقا إلى الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على الدفتر العائلي، وهم المنصوص عليهم في المادة 23 من ق.ح.م .الا أن قراءة متأنية لهذه المادة تستدعي منا طرح السؤال التالي: هل هذه المادة جاءت على سبيل الحصر وأقفلت في وجه الفئات الأخرى إمكانية الحصول على الدفتر العائلي ؟ ان كان الجواب بنعم، فإن الواقع العملي أتبت قصور مقتضيات هذه المادة ، إذ توجد فئات أخرى تطالب بالحصول على الدفتر العائلي لم يتطرق لها القانون مثل الأرملة، فكان حري بالمشرع أن يتطرق إلى هذه الفئة من المجتمع، والتي هي أولى من غيرها للحصول على الدفتر العائلي، إلا أن وزارة الداخلية استدركت الأمر وأصدرت مذكرة مصلحية ، بإمكانية حصول الأرملة على نسخة من الدفتر العائلي ، ومما جاء فيها انه ” يحدث في بعض الأحيان أن يتوفى رب الأسرة دون الحصول على الدفتر العائلي ، فيترك أرملة و أبناء مسجلين في الحالة المدنية، وبما أن الأم ( الأرملة ) تصبح هي النائب الشرعي لأبنائها بقوة القانون طبقا للمادة 230 من مدونة الأسرة، والمادة 23 من ق.ح.م. فإنه يحق لها إنجاز ملف عائلي قصد الحصول على الدفتر العائلي في إسم زوجها الهالك يكتب عليه عبارة ” نسخة طبق الأصل “.لأجل هذا كله ولكون الأرملة هي النائب الشرعي لأبنائها والساهرة على مصالحهم أمام القانون، يحق لها بل يجب أن تتوفر على نسخة من الدفتر العائلي لزوجها الهالك، يتضمن بيانات عن صاحب الدفتر، إذا أمكن توفيرها وإلا فلا داعي لمطالبتها بها….وفي حالة ضياع كناش التعريف والحالة المدنية للزوج فإن الأرملة يحق لها طلب دفتر عائلي في إسم زوجها الهالك من ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوج بعد تهيئ ملف خاص لهذا الشأن يكون مدعما بشهادة الضياع….” [34]
إذا كانت هذه الرسالة حاولت إيجاد حل لهذه الإشكالية، هي بدورها قاصرة لكونها اشترطت في الأرملة أن تكون أم نائبة شرعية عن الأولاد واشترطت في الأولاد أن يكونوا قاصرين ، وأغفلت هذه الرسالة الأرملة التي لم تلد أولاد أو التي رشد أولادها، فهل لها الحق في الحصول على الدفتر العائلي ؟ باستقراء هذه الرسالة نستشف أنها ليست لها هذا الحق.
و بالرجوع إلى مضمون المادة 23 والتي أعطت صراحة للزوجة والمطلقة الحق في الحصول على الدفتر العائلي سنقف على مجموعة من الصعوبات أتناء تطبيق هذا المقتضى خاصة بالنسبة للمطلقة ، فالمشرع لم يحدد بدقة مسطرة تسليم نظير من الدفتر العائلي للمطلقة ، وهل يسلم هذا الدفتر إلى المطلقة ذات الأطفال أو كيفما كانت وضعيتها العائلية؟ وهل مكونات الدفتر هي نفس مكونات دفتر الزوج ؟ بمعنى آخر في حالة وجود زوجة جديدة هل النظير الذي يحق لها الحصول عليه يجب أن يتضمن معلومات تخص الزوجة الجديدة وأولادها أم يقتصر الضابط على تضمين المعلومات الخاصة بالمطلقة وأولادها فقط؟ كل هذه الأسئلة لم تجب عنها المادة 23، وإن كانت وزارة الداخلية حاولت الإجابة عن بعض هذه الأسئلة من خلال رسالة موجهة إلى السيد رئيس مقاطعة حسان، جوبا عن استفساره حول إمكانية حصول المطلقة على نسخة من الدفتر العائلي وقد جاء في هذه الرسالة ” أنه في حالة عدم توفر الزوج على دفتر عائلي ولا على كناش التعريف والحالة المدنية، فإنه يحق للمطلقة باعتبارها مسؤولة عن أبنائها وحضاناتهم، تقديم طلب تأسيس ملف عائلي في إسم مطلقيها إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادته، قصد الحصول على نسخة من الدفتر العائلي في إسم مطلقها ، حامل لعبارة ” نسخة طبق الأصل ” يسجل فيه الضابط المختص البيانات الخاصة برسوم ولادة أبنائها من مطلقها فقط دون غيرهم أما في الحالة التي يتوفر فيها الزوج المطلق على كناش التعريف والحالة المدنية فقط ، فإنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار أن كناش التعريف والحالة المدنية المحدثة قبل دخول قانون 37.99 حيز التنفيذ لازال معمولا بها ….وإن القانون الحالي لم يتطرق لحالة طلب المطلقة نسخة من كناش التعريف إذا لم يرغب المطلق في استبدال الكناش بالدفتر العائلي ويمتنع عن تسليمه لها ، فإنه يمكن لضابط الحالة المدنية لمحل السكن الماسك للملف العائلي الذي سبق وأن سلم الكناش للزوج المطلق، تسليم المعنية بالأمر نسخة منه متمثلة في الدفتر العائلي يشار فيها على أنها نسخة مسلمة من طرف ضابط الحالة المدنية الذي سلم كناش التعريف والحالة المدنية مع القيام بجميع الإجراءات القانونية …”[35] إن قراءة أولية لهذه الرسالة توضح لنا أنها جاءت بحلول نسبية وغير كافية حيث جاء فيها ” يحق للمطلقة باعتبارها مسؤولة عن أبنائها وحاضنة لهم ” إذا الرسالة تشترط في المطلقة أن تكون ذات أطفال وبالتالي يستنتج أنها إذا كانت عاقر أو غير حاضنة لأطفالها فليس لها الحق في الحصول عن الدفتر العائلي. ومن الأمثلة الواقعية على ذلك أن كثير من السيدات المطلقات والذين يرغبون بالالتحاق بأولادهم البالغين في الخارج فإن بعض القنصليات الأجنبية تطلب منهم ضرورة الحصول على الدفتر العائلي، ويجدون صعوبة كبيرة في الحصول على هذه الوثيقة خاصة إذا كان الزوج لايتوفر على دفتر عائلي، أو كناش التعريف والحالة المدنية ، وبالرجوع إلى الرسالة السابقة نجدها تنص ” الحصول على نسخة من الدفتر العائلي في إسم مطلقها ، حاملة لعبارة نسخة طبق الأصل ” يسجل فيها الضابط ” البيانات الخاصة برسوم ولادة أبنائها من مطلقها فقط دون غيرهم “. إذا الملاحظ وجود تناقض بين كلمة نسخة طبق للأصل واقتصار تسجيل الضابط للبيانات الخاصة بأولاد المطلق فقط، فإذا نحن أمام دفترين غير متطابقين ، وإذا كان من اللازم عدم التحدث عن نسخة طبق للأصل بل إيجاد صيغة أخرى وذلك لإزالة الغموض، وتظهر خطورة هذه الحالة إذا كان الزوج له عدة طليقات ولكل واحدة أولادها فنكون أمام عدة دفاتر لنفس الشخص ونفس الأمر بالنسبة للهالك متعدد الزوجات.
ومن الأشخاص الآخرين الذين تم اقصائهم من الحصول على الدفتر العائلي ، نجد الأم العازبة حيث لم يتم التنصيص على أم الطفل الغير الشرعي من بين الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على الدفتر العائلي[36] ، بعدما كانت تحصل على كناش التعريف والحالة المدنية والذي كان يحرر في إسمها الخاص طبقا لما كان يجري به العمل قبل صدور هذا القانون [37]، وبالتالي حرمان الطفل مجهول الأبوين أو مجهول الأب من الحصول على الدفتر العائلي، وعند الحديث عن مجهول الأبوين يتبادر إلى الدهن السؤال التالي هل يحق للمؤسسات العمومية أو الخاصة الحاضنة والمسئولة عن الأطفال مجهولين الأبوين الحصول على الدفتر العائلي تصعب الإجابة عن هذا السؤال لكون لا يوجد أي نص يوضح ذلك .
نفس السؤال يطرح بخصوص إمكانية حصول الكفيل على الدفتر العائلي ، رغم أن المشرع المغرب دهب بعيدا في مسألة الكفالة ، حيث صدر قانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين حيث’ جاء في المادة 21 منه يوجه القاضي المكلف بشؤون القاصرين نسخة من الأصل القاضي بإسناد الكفالة أو بإلغائها أو باستمرارها لطرة رسم ولادة الطفل المكفول طبقا للمقتضيات المتعلقة بالحالة المدنية، غير أنه لا يشار إلى إسناد الكفالة في نسخ الرسوم المسلمة للكافل أو المكفول طبقا لقانون الحالة المدنية[38].
إن حرمان الكفيل من تسجيل كفيله في دفتر الحالة المدنية قد يسبب لكل الطرفين أذا نفسيا مما يضر معه بعض الأزواج إلى إتباع بعض الوسائل الغير القانونية كتسجيل الابن المكفول على أنه من صلبهم وهذا ماأكده حكم قضائي للمحكمة الابتدائية بمراكش حيث جاء فيه” إذا كانت الطفلة غير شرعية للطرفين هي مرباة ومكفولة …. يكون تسجيلها بكناش الحالة المدنية لطرف على أنها من صلبه مجاف للحقيقة الثابتة، وهو مجرد خطأ من الطرفين أو أحدهما على الأقل مما ينبغي ذلك التسجيل والتشطيب عليه من سجلآت الحالة المدنية”. [39]
فالمشرع المغربي حرص على عدم الإشارة إلى بيان إسناد الكفالة في نسخ الرسوم المسلمة للكافل أو المكفول إحتراما لشعور الصغار المكفلين، فكان حريا به أن ينص على إدراج الطفل المكفول في الدفتر العائلي للكفيل لكي يشعر المكفول بنوع من الإنتماء إلى الأسرة الجديدة ، وألا يشعر بالتمييز عندما يرى إخوته بالكفالة يستعملون الدفتر العائلي من أجل استخراج وثائقهم في حين أنه لا يتوفر على هذه الوثيقة الأساسية مما قد يؤثر على وضعيتته النفسية و الاجتماعية.
ومن الصعوبات الأخرى والمرتبطة بتسليم الدفتر العائلي نجد حالة الزوجات الأجنبيات الغير متوفرات على بعض الوثائق الإدارية، كرسوم الحالة المدنية مثل نسخة كاملة من رسم الولادة، إذ نجد هذه الحالات بكثرة مؤخرا نظرا لكون المغرب أصبح قطبا مهما للهجرة ،و يعرف توافد أعداد كبيرة من الأجانب ،و تفشي ظاهرة الزواج المختلط ، وإقبال المغاربة على الزواج من أجنبيات من بلدان تعرف عدم الاستقرار السياسي أو اندلاع حروب إقليمية أو أهلية. إضافة إلى إقفال سفارات و القنصليات بلادهن الاصلية بالمغرب او قطع العلاقات الدبلوماسية إما نهائيا أو مؤقت ، مما يستحيل معه الحصول على اي وثيقة ادارية مما ينتج عنه رفض تسليمهن الدفتر العائلي لذلك على المشرع و الاجهزة الادارية المختصة ايجاد حلول لهذه الفئة الهشة من المجتمع قصد منحها هذا الحق خاصة و ان ابنائهن هم مغاربة بقوة القانون.
الفرع الثاني : تجريد الدفتر العائلي من القوة الاتباتية
نصت المادة 2 من ق.ح.م. على أن لرسوم الحالة المدنية نفس القوة الإثباتية التي للوثائق الرسمية مع اعتبار الشروط الشرعية في إثبات النسب والأحوال الشخصية ، إلا أن الملاحظ اقصاء الدفتر العائلي من التمتع بنفس القوة الإتباتية للنسخة الموجزة من رسوم الولادة وكذلك للبطاقة الشخصية للحالة المدنية.[40] رغم الاعتماد عليه في استخراج مجموعة من الوثائق الادارية و من بينها البطاقة الشخصية ، حيث نصت المادة 33 من ق ح م على انه” يمكن لكل شخص يسكن بمكان غير محل ولادته أن يقدم لضابط الحالة المدنية الذي يقطن بدائرة نفوذه دفتره العائلي …..من اجل تسليمه بطاقة شخصية للحالة المدنية تتضمن البيانات التي يحتوي عليها الدفتر… تكون للبطاقة الشخصية ..نفس قوة الاثبات التي للنسخة الموجزة ..” فكان على المشرع أن ينص صراحة ان للدفتر العائلي نفس القوة الإثباتية التي تتمتع بها الرسوم والبطاقة الشخصية مادام في هذه الحالة يعتبر هو الاصل و البطاقة الشخصية هي الفرع المستخرج منه اضافة انه يعتمد في استخراج سجلات الحالة المدنية الضائعة أو التالفة و اعادة تأسيس الرسوم المتلاشية في غيلب السجل النظير المودع لدى المحكمة المختصة.
إذن يتضح مما سبق أن المشرع المغربي جرد الدفتر العائلي من القوة الإتباتية بالرغم من أنه يعتبر مرجعا يتضمن جميع البيانات الأساسية التي في الرسوم، بل وحتى البيانات الأساسية الخاصة بالأصول والفروع لأنه دفتر للعائلة وليس دفتر شخصي يخص الزوج فقط بل ذهب بعض الباحتين إلى اعتباره ” رسم الحالة المدنية المحمول للمواطن ” ونحن نسميه كذلك ببطاقة التعريف الشخصية للعائلة ، وبالتالي ومن المنطقي أن تعطى له القوة الإتباتية التي تتمتع بها باقي الوثائق الأخرى ، وبالرجوع إلى القانون المقارن نجد القانون التونسي المؤرخ في 30 يونيو 1967 المحدث للدفتر العائلي ينص أن كل مضمون أو تنصيص مسجل بالدفتر العائلي له قوة الإثبات ما لسائر مضامن رسوم الحالة المدنية والتنصيصات المسجلة بطرتها[41] كما نص الفصل 13 من المرسوم الفرنسي الصادر بتاريخ: 15 ماي 1974 والمتعلق بالدفتر العائلي ،ان النسخ والبيانات المضمنة بالدفتر العائلي لها نفس القوة الاثباتية للنسخ المستخرجة من سجلات الحالة المدنية والبيانات المضمنة بها[42] .
يتضح مما سبق ذكره ان المشرع المغربي جرد الدفتر العائلي من القوة الاثباتية و لم ينص صراحة عليها في قانون الحالة المدنية الا انه في الواقع العملي نجد مجموعة من المحاكم تعتمد عليه في اصدار احكامها التصريحية بالولادة او الوفاة باعتباره وثيقة رسمية صادرة عن جهاز اداري و موقعة من طرف ضابط الحالة المدنية.
المطلب الثاني : تناقض مقتضيات قانون الحالة المدنية و سبل تطويره
الفرع الاول : غموض و تناقض المقتضيات القانونية
يظهر غموض مقتضيات قانون الحالة المدنية على مستوى تنظيم الدفتر العائلي، حيث نجد فيما اقره أن الضابط المختص بتسليم الدفتر العائلي للزوج المغربي المولود بالخارج هو ضابط محل السكنى، شريطة الإقامة النهائية في المغرب ، هذا الشرط يثيرمن حيث الواقع العملي اشكالية في تطبيقه، حيث إن القانون لم يحدد بدقة مفهوم الإستقرار النهائي المنصوص عليه في المادة 23،مما تطرح معه مجموعة من الاسئلة من قبيل : كيف يمكن لضابط الحالة المدنية ،أن يحدد إن كان هذا المواطن قد استقر نهائيا أم لا؟ وما هي المدة القانونية للاستقرار بتراب المملكة و الكفيلة باثبات استقراره النهائي بالمغرب ؟ خاصة أن المغاربة المولودين بالخارج يترددون باستمرار على بلاد المهجر، وذلك لوجود مصالحهم المادية وحتى العائلية، لذلك من الصعب تحديد إن كان هذا الشخص قد استقر نهائيا أم لا.
و لتفادي هذا الاشكال ،كان يتعين على المشرع ، إعطاء الاختصاص لضباط الحالة المدنية لمحل السكنى فيما يتعلق بطلب إحداث أو تكوين الدفتر العائلي لكل المغاربة ، نظرا لما يلقاه بعض الاشخاص من متاعب ناتجة عن البعد الجغرافي لمحل ولادته عن محل سكناهم والذي تتولد عنه آثار سلبية كارتفاع التكاليف المادية وبعض الصعوبات النفسية ، و لتقريب الموضوع نفترض ان زوج مغربي مولود في طنجة و يعمل بمدينة العيون ، وأراد الحصول على دفتر عائلي فالمسافة التي سيقطعها اضافة الى مصاريف التنقل و المبيت و المجهود البدني و النفسي قد يفوق او يوازي ما يتعرض له المغربي القاطن في فرنسا، والمولود في الرباط مثلا. لذلك يجب إعادة النظر في هذه المسألة وتوحيد المسطرة مع المغاربة المولودين في المغرب مع ازالة شرط الاستقرار النهائي بالمغرب.
وارتباطا بمسطرة التسليم والإشكاليات المرتبطة بها، نجد إشكالا آخر يكمن في اعتماد الإقراربالبنوة كوثيقة لتسليم الدفتر العائلي، حسب ما جاءت به رسالة السيد وزير العدل [43]حيث نصت على امكانية تسليم الدفتر العائلي بناء على الإقراربالبنوة في حالة غياب عقد الزواج أو وثيقة ثبوت الزوجية، والإشكال المطروح هنا ان ما جاءت به المادة 160 من مدونة الأسرة والتي نصت على انه ” إذا عين المستلحق الأم أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها أو الإدلاء بما يثبت عدم صحة الإستلحاق ” [44] يفهم من هذه المادة انه يمكن للأب المقر أن يقر ببنوة ولده لكن دون الإشارة الى أمه وفي هذه الحالة وأتناء تسليم الدفتر العائلي سيكون دفتر عائلي ناقص لبيانات مهمة وهي المعلومات الخاصة بالام ، فسيبقى مكان الأم فارغا وذلك لعدم وجود نص يوضح مايجب فعله كما هو الحال بمجهول الأب حيث أعطى القانون للضابط الحالة المدنية ان يختار إسما للأب من الأسماء العبودية لله.
وهذه الحالة توضح التناقض الحاصل بين قانون الحالة المدنية ومدونة الأسرة. نفس الأمر نلاحظه في المادة 75 من مدونة الأسرة حيث جاء فيها ” إذا ظهر أن المفقود المحكوم بوفاته مازال حيا ، تعين على النيابة العامة أو من يعنيه الأمر ، أن يطلب من المحكمة إصدار قرار بإثبات كونه باقيا على قيد الحياة . يبطل الحكم الصادر بإثبات حياة المفقود الحكم بالوفاة بجميع آثاره ماعدا زواج امرأة المفقود فيبقى نافذا إذا وقع البناء بها “[45] . حيث تم إغفال تمديد تضمين البيانات الهامشية إلى الغيبة، اذ كان من المفيد وضع بيان على هامش الدفتر العائلي للغائب بعد صدور الحكم بوفاته، وماذا عن زوجته حيث تنص المادة 75 أنها في حالة الزواج من آخر والبناء عليه تصبح زوجة الثاني، وبالتالي مسجل معه في دفتره العائلي في حين أنها مازالت مسجلة في الدفتر العائلي للزوج العائد، فغياب نص يوضح المسطرة المتبعة في هذه الحالة يثير ازدواجية تضمين بيانات الزوجة في دفتر الزوج الاول و الزوج الثاني.
تنص المادة 29 من المرسوم التطبيقي للحالة المدنية، على وجوب التضمين في الدفتر العائلي بيانات موجزة عن الزواج وبيان انفصام عرى الزوجية في حالة وقوعه. إلا أن الإشكال الذي تطرحه هذه المادة يكمن أن معظم الضباط لا يقومون بتضمين البيانات الهامشية المتعلقة بالزواج في رسم الزوجين وعند قيام الزوج بإحداث الدفتر العائلي، يكتشف ضابط الحالة المدنية محل ولادة الزوج أن النسخة الكاملة من رسم ولادة الزوجة لا تتضمن البيانات الهامشية الخاصة بالزواج ، مما يستحيل معه تضمين هذا الهامش في الدفتر العائلي ، ويرفض تسليم الدفتر العائلي إلى الزوج إلى حين توصله بنسخة كاملة للزوجة حاملة لهذا البيان ، و يضطر الزوج إلى التنقل إلى محل ولادة زوجته للقيام بهذا الإجراء، وهذا قد يؤدي إلى تراجع الزوج عن فكرة الحصول على الدفتر، أو تأجيله إلى موعد آخر على العلم أن المادة 26 من المرسوم تنص على أن بعد تحرير العدلين رسم الزواج أو ثبوت الزوجية أوالتقارر بالزوجية، ونظيرين منه وبعد خطاب القاضي المكلف بالتوثيق عليها ، يرسل نظير الرسم في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الخطاب إلى ضابط الحالة المدنية الواقع بدائرة ولادة كل من الزوجين ” .ونفس العملية بالنسبة لرسم الطلاق حيث جاء في المادة 27 من المرسوم أن العدلين عند تحرير تم لرسم الطلاق أو الرجعة أو المراجعة وبعد خطاب القاضي المكلف بالتوثيق عليها من القاضي المكلف بالتوثيق عليها ، يرسل نظير الرسم في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الخطاب إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة كل من طرفي العقد .
أما بخصوص الجالية المقيمة بالخارج فقد نصت المادة 28 منه على وجوب إرسال نظائر العقود العدلية للزواج وثبوت الزوجية وتقاريرها التي تم تلقيها بالمراكز الدبلوماسية المغربية بالخارج وكذا نظائر وثيقة انفصام عرى الزوجية خلال أجل خمسة عشر يوما إلى مكتب الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين، لتضمين بيان عنهما بطرة رسم ولادة كل منهما، وإخبار وكيل الملك المختص لوضع البيان بطرة الرسم المضمن بالسجل المحفوظ بالمحكمة.و لتفادي هذا الإشكال، عملت وزارة الداخلية إلى إقرار إمكانية ادلاء المواطنين مباشرة لدى ضابط الحالة المدنية لمحل الولادة، بعقدي الزواج أو الطلاق من أجل الاشارة الى مراجعه بطرة رسم ولادته،مبررة هذا الإجراء بمبدأ تبسيط المساطر الإدارية و اشترطت لذلك ضرورة ادلاء المعني بالأمر بنسخة من عقد الزواج مصادق على مطابقتها للأصل، و أمرت ضابط الحالة المدنية بترتيبها في الملف العائلي للزوج ، مع إخبار ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجة ، إذا كان محل ولادتها غير محل ولادة الزوج و كذلك إعلام وكيل الملك المختص بهذه الإجراءات[46].
الفرع الثاني: نحو تطوير وإصلاح نظام القانون للدفتر العائلي:
يدخل نظام الحالة المدنية في المغرب منعرجا جديدا ، حيت يعرف عدة إصلاحات منها ماهو قانوني ومنها ماهو بنيوي، وباعتبار الدفتر العائلي أحد مكونات نظام الحالة المدنية بالمغرب، فلابد أن يشمله التحديث و التطوير ليتماشى مع متطلبات العصر و ليتفادى الإشكاليات والثغرات القانونية التي تم التطرق لها من قبل. وبالفعل عمدت وزارة الداخلية على وضع برنامج وطني لتحديث مرفق الحالة المدنية، يدخل في إطار مخطط المغرب الرقمي 2013، وباعتبار مؤسسة الحالة المدنية دعامة أساسية لبلوغ هذا الهدف، فقد بدأ التفكير بجدية في تحسين الإطار القانوني، وكذا تطوير أساليب ومناهج العمل واللجوء إلى التقنيات الحديثة، وتأهيل هذا المرفق بالمعدات اللازمة ، مع التركيز على العنصر البشري، وقد قسمت الوزارة هذا البرنامج إلى عدة محاور حيث عملت على جرد رسوم الحالة المدنية كمرحلة أولى، وتجديد وعصرنه مكاتب الحالة المدنية ، ووضع خدمات من جيل جديد لفائدة المواطنين ، ويتعلق الأمر بإعادة هندسة مناهج العمل بغية تبسيط وتقليص حجم التنقلات بين مكاتب الحالة المدنية ، وذلك عبر إنشاء نظام معلوماتي وطني يشمل كافة مكونات مؤسسة الحالة المدنية، وهنا نقترح أن يتم إلغاء المقتضى الذي ينص على أن يسلم الدفتر العائلي في محل ولادة الزوج، وإعطاء هذه الإمكانية الى ضابط الحالة المدنية لمحل السكن ، وذلك لتقريب هذه الخدمة إلى المواطن وتفادي التنقل وما ينتج عنه من مصاريف مادية وإرهاق نفسي، خاصة أن فئة كبيرة من المواطنين المغاربة يعتبرون من الفقراء ولن يشكل هذا الأمر أي إشكال، حيث بمكن تبادل المعلومات بين ضابط محل الولادة ومحل السكن بشكل رقمي ، وذلك لتضمين جميع البيانات الجديدة في هذا الدفتر وغيره من الوثائق الإدارية . وهنا يمكن كذلك التفكير في تأسيس دفتر عائلي إلكتروني شبيه بالبطاقة الوطنية الإلكترونية ، وقد أدى ظهور البطاقة الوطنية الإلكترونية وحملها لمعلومات كانت حكرا على وثائق الحالة المدنية جعل التفكير في جدوى وجود الدفتر العائلي ، إذا أصبح بالإمكان من خلال هذه البطاقة الحصول على جميع المراجع الأساسية لاستخراج عقود الازدياد والنسخ الكاملة ، وإذا كانت هذه الوثيقة لابد منها فعلى المشرع أن يطور قانون الحالة المدنية وذلك من خلال تدعيم هذا القانون بمجموعة من المواد المنظمة للدفتر العائلي ، حيث يقتصر القانون الحالي على مادة وحيدة غير كافية لتأطير جميع الجوانب المتعلقة بالدفتر كما رأينا في المبحث السابق، ومما يؤكد هذا الكلام وجود المرسوم التطبيقي الذي حاول تدارك بعض الجوانب التي تم إغفالها لكنه بدوره عجز عن هذه المهمة، وقد دأبت وزارة الداخلية على إصدار مجموعة من الدوريات قصد تفسير وتكميل النواقص الموجودة في القانون الحالي ،الا ان الامر غير كافي ، كما ان القيمة القانونية ولدوريات و المذكرات لا ترقى الى القوة القانونية للقانون و غير ملزمة للجهاز القضائي خاصة عند تعارضها او تفسيرها للقانون .
أما بخصوص الفئات المستفيدة من الدفتر العائلي فالملاحظ أن القانون 37.99 يحتاج إلى تعديل لتمكين فئات جديدة من الحصول على الدفتر العائلي كالأرملة والأم العازبة والكفيل والزوج الأجنبي مدام ملزم بالتسجيل في السجلات المغربية إذا كان مولودا في المغرب، إلى غيرهم من الفئات الاجتماعية التي حرمها القانون الحالي من تسلم الدفتر العائلي . كما نقترح توحيد شكل مضمون الدفتر العائلي مع الدول التي نتعامل معها دبلوماسيا، حيث تجد الجالية المغربية صعوبات كبيرة بخصوص هذه المسألة لذلك لابد من الاتفاق على شكل موحد، كما هو الشأن بجوازات السفر.
وبالرجوع إلى مكونات هذا الدفتر نجد المشرع قد أغفل مجموعة من البيانات والتي نص عليها القانون سواء قانون الحالة المدنية، أو مدونة الأسرة ، ومنها إغفال تضمين بيان الخلع أو الرجعة أو المراجعة حيث اقتصر القانون على ذكر تضمين بيان الزواج والطلاق فقط، إضافة إلى صعوبة تضمين هذه البيانات عند وجود بعد بين محل الولادة ومحل السكن ومحل الزواج أو الطلاق.
إذا كان الاهتمام بهذه الوثيقة كبيرا فلابد من إعطائها قوة إثباتيه خاصة أمام القضاء وإعطائها كذلك قوة إثباتيه في تحديد النسب مدام المشرع ألزم الزوج بوضع أولاده في الدفتر العائلي، والإدلاء بها إلى ضابط الحالة المدنية عند وقوع أي ولادة عنده أو وفاة فما الحكمة من عدم اعتمادها كحجة إثباتية أمام القضاء، بدلا من الفيف العدلي أو شهادة الشهود إلى غيرها من وسائل الإثبات الاخرى. ألا نعتبر هذه الوثيقة نوع من الإقرار بالبنوة مدام الزوج أو الأب هو من يقدم هذه الوثيقة ليوضع فيها مولوده الجديد.
خاتمة :
لقد حل الدفتر العائلي محل “كناش التعريف والحالة المدنية” المحدث بمقتضى ظهير 18 جمادى الأولى 1369 موافق ل 8 مارس 1950 ، كما وقع تغييره وتتميمه حتى يتلاءم مع المستجدات التي جاء بها القانون الجديد، وإذا كان الإطار القانوني للدفتر العائلي قد توفق في حل الكثير من النواقص التي كانت تشوب كناش التعريف و الحالة المدنية فأنه تسبب في حرمان فئات عريضة من حق امتلاك هذه الوثيقة الاساسية، اضافة الى تعارض الإطار القانوني للدفتر العائلي مع مقتضيات مدونة الأسرة وقانون الكفالة ،كما جرد القانون الدفتر العائلي من القوة الاثباتية، لذلك كان لابد من التفكير في نظام قانونية جديدة يضع حل للاشكاليات السابقة . فهل يا ترى اعتماد مقاربة قانونية جديدة أو إصلاح المنظومة القانونية الحالية كفيل وحده لحل جل الإشكاليات المثارة في هذا الموضوع؟ام لابد من اعتماد مقاربة شمولية تشمل ماهو قانوني و بنيوي؟
[1] القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.239 بتاريخ 25 رجب 1423 الموافق 3 اكتوبر 2002
[2] دليل الحالة المدنية : منشورات مركز الثوتيق للجماعات المحلية2004 ص8
[3] المادة 1 من قانون 37.91 المتعلق بالحالة المدنية الصادر بتنفيده الظهير الشريف رقم 1.02.239 بتاريخ 3 أكتوبر 2002 الجريدة الرسمية عدد5054 بتاريخ 7 نونبر2002
[4] محمد الشافعي: الحالة المدنية في المغرب – المطبعة والوراقة الوطنية- مراكش الطبعة 1 – ص 28
[5] – ظهير 21 يوليوز 1959 الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 7 غشت 1959 ص 1311
[6] تم تعديله بموجب القانون رقم:78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، المغير والمتمم بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.08.153، الصادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009).
[7] – دليل الحالة المدنية م.س.ص 11
ذ جمال العماري = الحالة المدنية، منشورات زاوية، الرباط سنة 2005.ص- 1
3-المادة 9 من المرسوم التطبيقي
4- قرار لوزير الداخلية رقم 03-836 صادر في 24 أبريل 2003 يتعلق بتحديد نمودج الدفتر العائلي الجريدة الرسمية عدد 5114 بتاريخ 5 يونيو2003 ص 1819
[12] محمد اللجمي – الحصانة العائلية في القانون التونسي والمقارن – الشركة التونسية للنشر سنة 2005 ص 50
[13] يعتبر رسم الحالة المدنية مشوبا بخطأ جوهري في الحالات التالية : إذا وقع اغفال تضمين بيان بالرسم لعدم التصريح به في حينه , اذا تبين ان بيانا من البيانات المضمنة بالرسم مخالف للواقع , اذا سجل الرسم تسجيلا مكررا , اذا اشتمل الرسم على احدى البيانات الممنوعة قانونا تضمينها به .
[14] تتجلى الاخطاء المادية في اغفال تضمين بيان بالرسم على الرغم من كون المصرح قد صرح به وتبث البيان الذي وقع اغفاله بالوثائق الازمة’, اذا حصل تضمين بالرسم على خلاف ما تم التصريح به و ما تبث بالوثائق المعززة له
[15] دليل ضابط الحالة المدنية ,وزارة الداخلية قسم الحالة المدنية ص 38
[16] المادة 10 من ق.ح.م
[17] المادة 23 من قانون ح . م. المرجع سابق .
[18] منشور مشترك بين وزارتي الداخلية و الخارجية رقم 9/د/79 بتاريخ 12 ماي 1977 في شأن كناش التعريف و الحالة المدنية
[19] المادة 23 من ق.ح.م
[20] المادة 23 من ق.ح .م
[21] المادة 230 من مدونة الاسرة
[22] دورية لوزير العدل رقم 15864 بتاريخ 3 غشت 2010 حول امكانية تسليم الدفتر العائلي بناء على الاقرار بالبنوة.
[23] دليل ضابط الحالة المدنية منشورات وزارة الداخلية ص 61
[24] دليل ضابط الحالة المدنية , منشورات وزارة الداخلية ص 61
[25]المادة 113 من الظهير الشريف رقم1.15.85 صادر في 20 رمضان 1436 الموافق 7 يوليو2015 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
[26] المادة 6 من قانون الحالة المدنية
[27] المادة 113 من الظهير الشريف رقم1.15.85 صادر في 20 رمضان 1436 الموافق 7 يوليو2015 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
[28] الفصل الثاني من الظهيرالشريف رقم 421.66 بتاريخ 8 شعبان 1389 الموافق 20 اكتوبر 1969 و المتعلق باختصاصات الاعوان الدبلوماسين و القناصل العامين بالخارج.
[29] المادة 2 من المرسوم رقم 2.99.665 الصادر بتاريخ 9 اكتوبر 2002 لتطبيق القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية ،ج ز عدد 5054 بتاريخ 7 نونبر 2002.
[30] المادة237 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
[31]– نور الدين سعيد : قانون الخالة المدنية اتلجديد رقم 3799 عن شروح مطبعة النجاح الجديد ط 1 سنة 2005 ص74
[32] المادة 31 من المرسوم التطبيقي رقم 665992 بتاريخ 9 اكتوبر 2002.
[33] نور الدين بنسعيد م.السابق ص 66
[34] رسالة عدد 988 صادرة عن السيد وزير الداخلية حول امكانية حصول الارملة على نسخة من الدفتر العائلي موجهة الى السيد عامل عمالة سلا
[35]رسالة عدد 3413 D ق.ح.م./1 بتاريخ 29/04/2008.
[36] محمد الشافعي :الاسم العائلي للطفل غير الشرعي , المجلة المغربية للاقتصاد و القانون عدد 16 سنة 1990 ص 65
[37] دورية رقم 258 /م.ح.م / ق.ج.م /1 بتاريخ 18/09/1998 صادر عن وزير الداخلية.
[38] المادة 21 من ق رقم 15.01 المتعلق بكفالة الاطفال المهملين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-02-172 بتاريخ 13 يونيو 2002 الجريدة الرسمية عدد 503 بتاريخ 19/08/2002.
[39] – حكم رقم 314 يتاريخ 28/02/1994 مجلة رسالة المحاماة , عدد 11-12 ص344
[40] الشافعي المرجع السابق ص 70
[41] لتوسع اكثر راجع Mohammed chafi : la nouvelle réglementation du livre famille au maroc ;REMALD
[42] محمد الشافعي :المرجع السابق ص 71
[43] رسالة السيد وزير العدل رقم 15864 بتاريخ 3 غشت 2010 موجهة الى السيد وزير تالداخلية
[44] المادة 160 من مدونة الاسرة
[45] المادة 75 من مدونة الاسرة
[46] رسالة السيد وزير الداخلية عدد 3082 بتاريخ 19 اكتوبر 2015.
ابراهيم منذ سنتين
انا موظف في جماعة قروية يأتي مواطن لستخرج دفتر العائلي وهو مطلق من زوجته الاولي وله زوجة تاني سؤالي هل من ضروري ادخل زوجة مطلقة في دفتر العائلي وطلب نسخة كاملة