المرجعية القانونية للإحالة :
– طبقا لأحكام دستور المملكة لاسيما فصول الباب الحادي عشر المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؛
– طبقا للقانون التنظيمي رقم 12- 128 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 124 – 14 – 1 بتاريخ 31 يوليو 2014 ، لا سيما المادة 2 منه؛
وجه السيد رئيس مجلس المستشارين إلى السيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتاريخ 29 أبريل 2015، طلب دراسة حول موضوع التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في افق الجهوية المتقدمة، ودور المراكز الجهوية للاستثمار في إعداد و بلورة المخططات التنموية على الصعيد الجهوي، وتسهيل وتعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال على صعيد الجهة.
– وبناء على مقتضيات النظام الداخلي للمجلس ولاسيما المادة 37 منه؛
أناط مكتب المجلس إعداد مشروع الرأي بشأن هده الاحالة إلى اللجنة الدائمة المكلفة بقضايا البيئة والتنمية المستدامة.
وقد تمّت المصادقة على هذا الرأي بالإجماع خلال الدورة الخمسين للجمعية العامة للمجلس المنعقدة بتاريخ 28 ماي 2015.
يسعى هذا الرأي للإجابة على الإحالة التي توصل بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من السيد رئيس مجلس المستشارين ، وهو يندرج في إطار الاختصاصات الموكولة للمجلس بناء على أحكام الدستور والمقتضيات القانونية ذات الصلة ، لاسيما تلك التي أوردها القانون التنظيمي رقم 12- 128 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي .
ومن هذه المنطلقات جاء الرأي الاستشاري للمجلس ليضع بناء على تحليل المعطيات المتعلقة بالاستثمار العمومي بمختلف فروعه ،سواء ما يهم الاستثمار المنجز من الميزانية العامة للدولة أو ذلك الخاص بالمقاولات والمنشآت العامة أو الاستثمارات المنجزة من طرف الجماعات الترابية ، مجموعة من التوصيات التي يرى المجلس أهمية في الأخذ بها لتجويد آثار مشاريع الاستثمار العمومي والتوزيع الترابي الأمثل لها بما يحقق أهداف التنمية المحلية ويخفف من الاختلالات البينية للجهات ويعطي إقلاعا اقتصاديا حقيقيا للمجال .
وفي هذا الإطار وانسجاما مع آرائه ودراساته السابقة التي همت مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ، قام المجلس بالتذكير بالتوصيات ذات الصلة بالموضوع الواردة فيها وخصوصا تلك التي تضمنها النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية كتجربة رائدة في هذا المجال اعتمدت جلسات الإنصات المفتوحة على الساكنة المحلية بعين المكان والتواصل مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين محليا ووطنيا ، فضلا عن الاستماع لمختلف القطاعات الحكومية، والوقوف على المخططات القطاعية متوسطة المدى .
كما استحضر المجلس في دراسته التوجهات الكبرى التي سيكون عليها التنظيم اللامركزي ببلادنا في المرحلة القادمة، ودور الجهات في هذا المعمار التنظيمي الجديد بالرجوع إلى الأحكام الدستورية، ومضامين مشروع القانون التنظيمي للجهات .
وجه السيد رئيس مجلس المستشارين إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوم 29 أبريل 2015، طلب لإعداد دراسة حول” التوزيع المجالي للاستثمار العمومي في افق الجهوية المتقدمة ،ودور المراكز الجهوية للاستثمار في إعداد و بلورة المخططات التنموية على الصعيد الجهوي ، و تسهيل و تعزيز الاستثمار و تحسين مناخ الأعمال على صعيد الجهة ” .
ويهدف رأي المجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي بصدد هذه الإحالة إلى:
o تصنيف أوجه الاستثمار المجالي العمومي
o تحديد التوزيع المجالي لمختلف وسائل الاستثمار العمومي
o توصيف لفعالية مناخ الاعمال وآليات تعزيز الاستثمار على مستوى الجهات والأدوار المستقبلية للمراكز الجهوية للاستثمار في أفق إرساء الجهوية المتقدمة
o أثار الاستثمار على تقليص تفاوتات التنمية المجالية
o المبادئ والأهداف الرئيسية للتنمية المجالية
o اقتراح توصيات استراتيجية لعقلنة الاستثمار العمومي وتحسين مناخ الاعمال على صعيد الجهة
o اقتراح آليات مواكبة لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة ، الرفع من الفعالية و الجاذبية الاقتصادية و تحقيق التنمية المستدامة للمجالات الترابية
أخدا بعين الاعتبار المدة الوجيزة التي طلب فيها من المجلس إعداد رأيه حول هدا الموضوع (أنظر في ملاحق: رسالة مجلس المستشارين) فإن المجلس لم يقم بدراسة مستفيضة لهذا الموضوع باتباع الطريقة التي دأب على اعتمادها، بينما اعتمد في إنجاز هدا الرأي على مقاربة منهجية تنبني على حصيلة آراء المجلس ودراساته السابقة المرتبطة بمختلف مجالات الحكامة الترابية للجهات والتنمية الاقتصادية و الاجتماعية والبيئية المجالية والجهوية المتقدمة، وهي كالتالي:
o النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية؛
o تدبير وتنمية الكفاءات البشرية : رافعة أساس لنجاح الجهوية المتقدمة ؛
o الاقتصاد الاخضر: فرص خلق الثروات وإحداث مناصب الشغل؛
o الصفقات العمومية: رافعة استراتيجية للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية؛
o النظام الضريبي المغربي :التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي؛
o الميثاق الاجتماعي: ضوابط يجب احترامها و أهداف ينبغي التعاقد بشأنها؛
o المدن: مقاربات من أجل تنمية مستدامة من خلال رؤية متكاملة وحكامة جيدة؛
o دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير؛
o حول مشروع القانون رقم 12 – 86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛
o حول مشروع القانون الإطار رقم 99- 12 بمثابة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة؛
o حول مشروع القانون 81.12 حول حماية و تهيئة الساحل.
و فضلا عن ذلك، اعتمدت اللجنة بعض التوجهات الكبرى الواردة في مشروع القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات .
وقد مكن استثمار هذه الآراء من جمع المعطيات المتوفرة المعزَّزة بالأرقام، وتحليلها والتماس خيط ناظم بينها، واستكمال المعلومات المتحصِّلة. وقد اغتنى ذلك كله بمجموعة من جلسات النقاش الداخلية للجنة الدائمة المكلفة بالدراسة ، تلتها أيضا مساهمات أعضاء المجلس في اجتماع الجمعية العامة بمناسبة عرض مشروع الدراسة للمصادقة ، وهوما انتهى إلى اعتماد رأي المجلس بشأن هذا الموضوع متضمنا لمجموعة من الخلاصات والتوصيات.
يعد الاستثمار العمومي بمثابة رافعة أساسية للناتج الداخلي الخام ومساهما فعالا في تحسين النمو. و قد عرف الاستثمار العمومي تطورا لافتا منذ سنة 2008 ، و ابتداء من 2010 أصبحت تعرض هيكلة تكلفة الاستثمار العمومي في شكل مركب يضم الاستثمار الخاص بالمقاولات والشركات العمومية 61% ، متبوعا بنفقات التجهيز المرصدة في قانون المالية 33% ، ونفقات التجهيز المرصدة في الميزانيات الجماعية 4% ، والباقي الذي يغطي حصة الحسابات الخصوصية للخزينة ومصالح الدولة المسيرة بطريقة مستقلة (SEGMA).
إن حجم الاستثمارات العمومية يستدعي معرفة مستوى تأثيرها على النمو الاقتصادي الوطني وانعكاسها على القطاعات العمومية والمجالات الترابية الجهوية والمحلية، ومدى مساهمتها في تصحيح الأعطاب الهيكلية والاختلالات البنيوية القائمة على هذا المستوى . وإذا كان المغرب قد خطى خطوة مهمة في اتجاه تعزيز اللامركزية باعتماد تنظيم لامركزي جديد تتبوأ فيه الجهات مكانة الصدارة ضمن الجماعات الترابية، فإن ذلك يلزم إدخال تعديلات أساسية على العلاقة بين الدولة والجماعات الترابية التي تحتل المكانة المتميزة على المستوى اللامركزي في تحقيق التنمية المحلية، و هو ما يقتضي التفكير في كيفية إرساء المشاريع الاستثمارية مجاليا أخذا بعين الاعتبار ما يلي :
· التحديات المستقبلية للاستثمار على مستوى الجهة، ومنها ندرة الموارد الطبيعية ( الماء والطاقة والعقار الفلاحي إلخ) والمالية( المداخيل المحلية ) والبشرية ( الكفاءات والأطر الإدارية والسياسية) وهو ما يلقي بالمسؤولية على عاتق الأحزاب السياسية والشركاء الاجتماعيين؛
· الفجوات الموجودة بين الجهات وبين الجماعات الترابية في نفس الجهة ومستوى التنسيق والتكامل بين الفاعلين المؤسساتيين في مجال الاستثمار على مستوى الجهة؛
· كيفية دعم القدرات البشرية والمادية لهذه الاخيرة وضمان اعتماد قواعد الحكامة الجيدة في كل ذلك .
تظل الدولة الفاعل الرئيسي في مجال التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للجهات. و ما فتئ دورها يتزايد ارتباطا بالدينامية الحالية التي تعرفها الاستثمارات العمومية. فبالنسبة لسنة2009 ،بلغت استثمارات الدولة، بما في ذلك المقاولات و المؤسسات العمومية، ما يناهز 130 مليار درهم، أي ما يفوق 12ضعفا قيمة استثمارات الجماعات الترابية بمختلف أصنافها ، ليصل حجم الاستثمارات العمومية برسم سنة 2015 إلى 189 مليار درهم، مقابل 186,64 مليار درهم خلال سنة 2014، أي بزيادة تقارب 60 مليار درهم في مدة تقارب العقد من الزمن .
وعلى الرغم من الدور المحوري الذي تلعبه الدولة في التنمية الجهوية، فإنها قد أصبحت تلجأ بشكل متزايد إلى المؤسسات العمومية التي تقوم بإنجاز جزء كبير من الاستثمارات العمومية وتشارك في تحقيق أهداف السياسات العمومية. وهو ما يمثل توسيعا للامركزية المرفقية التي تبنتها الدولة منذ أزيد من عقدين من الزمن ،كما أصبحت الدولة تتبنى أيضا مقاربة أكثر تشاركية من خلال برامج وطنية تساهم فيها كل من الجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية.
وفي هذا الإطار، سنقف على حصيلة عمل الدولة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الجهوي، وتحليل السياسات العمومية المتبعة في مجال التنمية الجهوية من خلال الاستثمار كوسيلة في ذلك .
تستند السياسات العمومية المتبعة في مجال التنمية الجهوية، في جزء كبير منها، على مقاربة قطاعية تتضمن برمجة التجهيزات و الخدمات على شكل استراتيجيات قطاعية متوسطة المدى (المخطط الأزرق، المخطط الأخضر ، ومخطط تسريع التنمية الصناعية… إلخ) أو مخططات لتعميم الخدمات العمومية (اعتماد الخريطة الصحية و المخطط الهيكلي للطرق السيارة). وبالنظر لحجم المبالغ الملتزم بها ضمن هذه السياسات القطاعية وخططها وآثارها على التنمية الاقتصادية ، يبدو أن هذه المقاربة هي الأكثر فاعلية في الوقت الراهن.
إن هدف تحقيق الفاعلية في إنجاز البرامج التنموية قد أدى بالدولة في كثير من الأحيان إلى المضي نحو لامركزية اعتمادات الميزانية والاستثمارات المطابقة لها . وهو ما مكن من تقريب القائمين على المشاريع من المستفيدين وتسهيل عملية ترشيد النفقات.
عرفت هذه الاستثمارات بشكل إجمالي تحسنا كبيرا بارتفاع نفقات الميزانية العامة المخصصة للاستثمار من 18،7 مليار درهم سنة 2005 إلى 53،8 سنة 2010، ثم 59،9 سنة 2013 ، علاوة على ذلك الارتفاع الذي شهدته نفقات المقاولات والمؤسسات العمومية.
وإذا كانت استثمارات الميزانية العامة للدولة قد سجلت منذ سنة 2006 ارتفاعا ملحوظا كما يبين ذلك المبيان أسفله ، فإنها لا تغطي كافة التراب الوطني بشكل متوازن، وهو ما نلاحظه إذا ما توقفنا على تطور الاستثمارات اللاممركزة.
يتبين من خلال هدا التوزيع المجالي أن استثمارات الدولة عبر الجهات تتميز بالتمركز في جهات محددة. ويلاحظ أنه في فترة (2010-2013) استحوذت 6 جهات من أصل 16 جهة على أكثر من 61 %من مجموع استثمارات الدولة بالجهات المقدرة ب 47 مليار درهم خلال هذه المرحلة، وذلك كالتالي: طنجة تطوان 15%، مراكش تانسيفت الحوز 12% ، سوس ماسة درعة 9 % ، و 8% في الجهات الثلاث التالية: الشرق، الرباط سلا زمور زعير و جهة مكناس تافيلالت.
كما أن 3 جهات عرفت خلال هاته الفترة (2010-2013) معدلا سنويا لاستثمار الدولة فاق المليار درهم، وهي على التوالي : طنجة تطوان 1.8 مليار درهم؛ ومراكش تانسيفت الحوز 1.4 مليار درهم، وسوس ماسة درعة ب 1.1 مليار درهم.
ويؤكد هذا التوجه رغبة الدولة في الرفع من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهاته الجهات، والنهوض بأقطاب تنافسية جديدة تكون مكملة للأقطاب الموجودة.
كما يسجل على مستوى الجهات دورا لافتا لوكالات التنمية الجهوية في الأقاليم الشرقية والشمالية والجنوبية ودعمها بنسب محددة لمشاريع ذات أثر على التنمية الجهوية والمحلية. غير أن مساهمة المقاولات والمؤسسات العمومية تبقى أكثر حضورا في مشاريع البنيات التحتية و التهيئة وتقوية المكونات اللوجستيكية ، وهي الوضعية التي يبرزها الجدول التالي :
تشكل استثمارات الميزانية العامة للدولة المخصصة للجهات في المتوسط أكثر من ثلث الاستثمار العمومي المجالي ومن خلال مقارنة التفاوتات الجهوية في مجال استثمارات الميزانية العامة للدولة بالنسبة إلى من الناتج الداخلي الخام ما بين 2008 و 2013 (المصدر وزارة الاقتصاد و المالية: مديرية الدراسات و التوقعات المالية) و تحليلها ، تبرز الخلاصات التالية:
· استفادة 9 جهات وهي(واد الدهب لكويرة’ – كلميم سمارة – مراكش تانسيفت الحوز- الشرق – تادلة أزيلال – مكناس تافيلالت – فاس-بولمان، تازة-الحسيمة-تاونات و طنجة-تطوان) من مستويات عليا لاستثمارات الميزانية العامة للدولة بالنسبة للناتج الداخلي الخام ؛
· وقد حققت جهة طنجة- تطوان ، تعبئة عالية لاستثمارات الميزانية العامة للدولة بالنسبة للناتج الداخلي الخام تعادل ثلاث مرات المعدل الوطني؛
· وحققت جهة الشاوية ورديغة المرتبة الدنيا في الاستفادة من استثمارات الميزانية العامة للدولة بنسبة 0.5% من الناتج الداخلي الخام، أي أقل ثلاث مرات من المعدل الوطني ؛
· وفيما يخص دينامية التطور، فإن جهات طنجة تطوان، وتادلة أزيلال ، وفاس بولمان ، تمكنت من إنجاز أحسن النتائج على التوالي 1.2% و0.9% و 0.8% من الاستثمار ما بين 2008 و 2013. و يعتبر هذا تمييزا إيجابيا من طرف الدولة في اتجاه الجهات المهمشة.
و يظهر جليا كذلك أن الجهات التي تقع ضمن نطاق وكالات التنمية الجهوية الثلاث(الشمالية ، الجنوبية و الشرقية ) استفادت أكثر من الاستثمارات الجهوية بحصيلة جد مهمة .
إن الهدف من السياسات القطاعية المطبقة لا يتمثل في النهوض بقطاع معين بحد ذاته، بل يمتد إلى مجالات أخرى تتدخل الدولة فيها، ورغم كونها لا تستند في كثير من الأحيان في بلورتها إلى منطق التوزيع الترابي، إلا أنها تعدل في حالات كثيرة لتأخذ بالحاجيات الترابية بسبب الامتداد الترابي للخدمات العمومية والبنيات التحتية الاجتماعية والاقتصادية .ويأتي هذا الامتداد نتيجة للرغبة في تحقيق مبدأي الإنصاف والفعالية في الاستفادة من الخدمات العمومية، خاصة بالنسبة للبنيات التحتية التي يتسم إنتاجها بتوفير مداخيل كبيرة .
كما يلعب التوطين المجالي للسياسات القطاعية دورا مهما في تقليص التفاوتات الجهوية في ما يتعلق بتوزيع أماكن إنتاج الثروات، وتلك التي تساهم في تعزيز المساواة في الفرص المجالية للمواطنين. و نخص بالذكر هنا مخطط المغرب الاخضرPMV ، ومخطط التسريع الصناعيPAI، واستراتيجية 2015 للصناعة التقليدية… إلخ.
ومن جهة أخرى إضافة إلى السياسات القطاعية ، هناك البرامج الوطنية ذات الطابع المجالي بامتياز كالبرامج التي تهم التجهيز بالبنيات التحتية PERG– PNRR– PAGER)) واستراتيجية تنمية مناطق الواحات وشجر الاركان والبرنامج الوطني للتطهير السائل PNA والبرنامج الوطني للنفايات المنزلية PNDM وبرنامج التأهيل الحضري ، إلخ. هذا، وإذا كانت بعض هذه البرامج تهدف إلى تحسين القدرات المرفقية والخدمات العمومية، فإن برامج وطنية أخرى من قبيل (PMAT-INDH) تعتمد مقاربة أفقية .
وتلعب هذه البرامج دورا محوريا في مجال التنمية الجهوية والترابية، ويشارك فيها العديد من الفاعلين (المؤسسات العمومية والقطاعات الوزارية والجماعات الترابية )، ويشار إلى أن هذه البرامج لا يتم إعدادها أو تمويلها بشكل رئيسي من طرف الجماعات الترابية ، رغم كونها غالبا ما تكون شريكة أساسية فيها، حيث تساهم في تمويل هذه البرامج بنسب تتراوح ما بين 15و % 25مقابل مساهمات أكبر تأتي من الميزانية العامة للدولة و الصناديق الخصوصية و المؤسسات العمومية.
ومن نماذج هذه المشاريع برنامج الكهربة القروية الشاملة، الذي يمول بنسبة 55 % من طرف المكتب الوطني للكهرباء و 20 % من طرف الجماعات الترابية المعنية، والتي تتوصل بجزء كبير من مواردها من الدولة، وبنسبة 25 % من طرف المستفيدين
إن اقتصادات الجهات تختلف بحسب التنوع الحاصل في مواردها وأنشطتها، بين من يعتمد بالأساس على الصناعة والأنشطة التجارية، وبين من يعتمد على الخدمات او الصيد البحري والفوسفاط ، وبحصة أقل على البناء والأشغال العمومية . وبقدر الاختلاف الحاصل في مكونات الاقتصادات الجهوية، يسجل حجم مناصب الشغل وتوزيعها على القطاعات.
كما يبقى الاقتصاد الجهوي من جهة أخرى معتمدا بشكل كبير على الدولة، التي تساهم في الناتج الداخلي الخام للجهات بحسب حاجياتها من خلال المشاريع وتوطين الاستثمارات. ومن النماذج المسجلة في هذا الإطار، مساهمة الدولة في الناتج الداخلي الخام للأقاليم الجنوبية بما يفوق 54 بالمائة، منها 43 بالمائة بطريقة مباشرة (33 %للدولة و10 %للمقاولات العمومية)، و11%بطريقة غير مباشرة (الناتج الداخلي الخام الذي يخلقه الاستثمار المباشر). ويبلغ مقدار الإنفاق العمومي 5500 درهما للفرد من الساكنة، أي بما يفوق 31 بالمائة المعدل الوطني (4200 درهم).
وفي هذا الإطار حققت جهة الدار البيضاء النسبة الأكبر من حيث المساهمة في الناتج الداخلي الخام، إذ وصل ناتجها في سنة 2012 إلى 17.1% مقارنة ب 18.9% في سنة ،1998 متبوعة بجهة سوس ماسة درعة (11.6% في سنة 2012 مقابل 13.1% في 1998)، وجهة الرباط سلا زمور زعير (9.2% مقابل 9.7% ) و جهة مراكش تانسيفت الحوز (9% مقابل 7.5% ).
هاته الجهات الأربع لوحدها تساهم ب 46.8% من الناتج الوطني الداخلي الخام، وهو ما يشكل مؤشرا راجحا على اللاتوازن الجهوي . هذا الوضع الذي ترسخ منذ عقود يمكنه أن يتغير بفضل الدينامية والحيوية الاقتصادية التي بدأت تعرفها الجهات الاخرى، وكذلك عن طريق تفعيل نمط الحكامة الترابية الجديدة في إطار الجهوية المتقدمة.
وفيما يخص وتيرة النمو، فإن الجهات ذات المساهمة الضعيفة في الناتج الوطني الداخلي الخام، هي الجهات التي عرفت دينامية أكبر بمعدل نمو سنوي أعلى من المتوسط الوطني (5.6%) في فترة (1998-2012). وهذه الجهات هي :جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، جهة وادي الذهب لكويرة بنسبة 11.6% و 11.3%، وجهة الشاوية ورديغة 7.6%، وجهة مراكش تانسيفت الحوز 6.9%، وجهة دكالة عبدة 6.7%.
أما أضعف نسبة نمو على المستوى الوطني، في هذه الفترة، فقد سجلتها جهة الغرب شراردة بني احسن بنسبة 3.1% بسبب انخفاض وتيرة نمو الأنشطة الفلاحية.
ومن جهة أخرى عرفت نسبة الاستثمار الصناعي تحسنا ب 5.9% ما بين 1998 و 2012 حيث انتقل من 17.4%إلى 23.3%. و مرد هاته النتيجة إلى تطور قطاع الصناعة الميكانيكية والحديدية الذي حقق نموا و أرباحا بنسبة 26.7% ليستقر في42.3% سنة 2012، و كذلك قطاع الصناعة الكيماوية ومشتقاتها بنسبة 7% ، في حين عرف مستوى الاستثمار في قطاع النسيج و الجلد تراجعا بنسبة 10.8% ليستقر في 12.4% سنة 2012.
كما مكن التخصص القطاعي الاقتصادي لبعض الجهات من المساهمة في تحسين إنجازاتها الاستثمارية. و في هذا الاطار، استطاعت ثلاث جهات: هي جهة تادلة أزيلال و جهة دكالة عبدة و جهة طنجة تطوان، من تحقيق نسب استثمار أعلى من المعدل الوطني بالنسب الآتية على التوالي: 68.2%، 45.2%، 46.6%، وذلك بفضل تخصص جهتي تادلة أزيلال و دكالة عبدة في قطاع الصناعة الكيماوية و مشتقاتها (على التوالي 79.4% و 92.5% من نسبة الاستثمار الجهوي )، وتخصص جهة طنجة تطوان في الصناعة الميكانيكية و الحديدية (71%من حجم الاستثمار الجهوي).
في حين شهدت نسبة الاستثمار الجهوي لجهة الدار البيضاء، حيث تتركز نسبة مهمة من الاستثمار الوطني، انخفاضا ملحوظا بنسبة 6% ليستقر في 17.4% مقارنة مع المعدل الوطني برسم سنة 2012.
إن محدودية التنويع في أغلب الاقتصادات الجهوية ، وإشكالية مناخ الأعمال بها ، لا يشجعان الفاعلين المحليين والأجانب على الاستثمار، الأمر الذي يؤثرا سلبا على الدينامية الاقتصادية في الجهة،. بما في ذلك ارتفاع مستوى البطالة خاصة في صفوف الشباب الذي يمثل أبرز إشكالية تعوق تنمية المجال الترابي، وما يصاحبها من توسع لافت للقطاع غير المهيكل الذي تتراكم معه إشكاليات ضعف الأجور وغياب الحماية الاجتماعية والحقوق المرتبطة بالشغل . فالبطالة تسجل في بعض الجهات نسبا مرتفعة تصل إلى ضِعف المعدل الوطني ،كحالة الأقاليم الجنوبية حيث تبلغ معدل 17 بالمائة، (9 بالمائة وطنيا، و14 بالمائة في الوسط الحضري). وهي نسب مرتفعة لمعضلة البطالة على الخصوص بين صفوف الشباب والنساء .
· تفاوتات بين- جهوية وجهوية متصاعدة
رغم التوجه المسجل نحو تقليص التفاوتات الجهوية، إلا أنها تظل حاضرة بقوة وآثارها واضحة. كما تجدر الاشارة إلى حدة التفاوتات التنموية وفيما يتعلق بالولوج إلى الخدمات الاساسية داخل كل جهة بين المناطق الحضرية و المناطق القروية، و كذلك بين المناطق الجبلية ومناطق السهول. كما تتميز التفاوتات المجالية بطابعها التراكمي مما يجعل كل تأخر في معالجتها جد مكلف مع مرور الوقت.
· شبكات الربط المجالية تظل غير كافية
– رغم التطور المهم الحاصل في مجال بنيات الطرق خلال 15 سنة الاخيرة ، فإن توسع شبكة الطرق السيارة الذي لازال تحديا قائما ، وضعف كثافة الشبكة الطرقية الترابية لم تساعد في تنمية بعض الجهات؛
– كما أن عزلة كثير من المناطق الجبلية وضعف مخصصات الدولة لفك العزلة عنها لا يمكن من تنمية و تثمين مواردها الطبيعية و اللامادية (البشرية، السياحية، الثقافية و الاثرية) التي تزخر بها بعض جهات المملكة؛
– ضعف الربط السككي للمناطق و الوحدات الصناعية و انعدام شبكات النقل السككي الجهوية (RER)؛
– نقص كبير في تهيئة المناطق اللوجستية و الموانئ الجافة في الجهات الداخلية للبلاد التي تعتبر ضرورية لمواكبة تنمية الجهات الداخلية للمغرب؛
– ضعف كبير في تطوير صناعة ملاحية وطنية بالنظر إلى المؤهلات الطبيعية والبشرية للمغرب في هذا المجال (طول الشريط الساحلي 3500كلم)؛
– إشكالية الربط الجوي الداخلي لبعض جهات المملكة لا يساعدها على تثمين مواردها السياحية والثقافية والطبيعية؛
– ضعف قوة وفعالية الربط الرقمي لبعض الجهات، وخاصة البعيدة من المركز، يشكل إكراها كبيرا فيما يتعلق بهيكلة المجال الترابي، وتقريب الخدمات العمومية عن بعد إلى المواطن، والرفع من تنافسية المقاولات الجهوية، وجاذبية المجالات الترابية الأخرى.
· عجز في التضامن الترابي
يسجل خصوصا على المستوى البيني للجهات، بسبب عدم فعالية معايير التوزيع المبنية على الجزافية وعدد الساكنة و المساحة. وبالتالي فإن هاته التحويلات لا تستفيد منها بالضرورة الفئات الاجتماعية المعوزة ، بالرغم من دعم مالية الجهة من طرف الدولة عن طريق تحويل 1% من الضريبة على الشركات و الضريبة على الدخل. أما على مستوى الجهة، فإن الجماعات الترابية لا تتعبأ بطريقة ناجعة لاستعمال آليات التعاون و التضامن فيما بينها (مثال: intercommunalité) و خصوصا في إنجاز مشاريع الحد من تلوث البيئة، وتحسين جودة الحياة بمختلف المراكز الحضرية (مثال: إنجاز محطات تصفية المياه العادمة والمطارح المراقبة للنفايات الصلبة ومطارح النفايات الخطرة) .
· تفاوتات جهوية صارخة فيما يخص نوعية و حجم الكفاءات البشرية
يعاني نظام تدبير الموارد البشرية للجماعات الترابية و المصالح الخارجية من مشاكل الادماج و الانسجام والتكامل. كما أن برامج التكوين بهدف تعزيز القدرات والمؤهلات الموجهة لفئات المنتخبين المحليين وموظفي الجماعات الترابية و المصالح الخارجية، كان لها أثر محدود على مستوى الأداء الميداني. ويرجع السبب في ذلك إلى تمركز هذه المبادرات ، مما ينتج عنه تفاوتات مجالية كبيرة من حيث عدد وجودة الكفاءات البشرية وقدراتها التدبيرية، كما أن النظام الحالي لتدبير الموارد البشرية على مستوى الجهات لا يجذب الكفاءات و الأطر العليا، خاصة على مستوى الادارات المركزية والمقاولات العمومية، للعمل بالإدارات الترابية.
· تفاوتات جهوية على مستوى جودة مناخ الاعمال ومبادرات الاستثمار
رغم التحسن الملموس الذي عرفه مناخ الاعمال على مستوى مختلف جهات المملكة على مدى العشر سنوات الاخيرة، فإن الاستثمار يظل يواجه إكراهات متعددة في مجال مناخ الاعمال تنعكس مباشرة على القدرات الاستثمارية لكل جهة ، ومنها المنافسة غير الشريفة من طرف القطاع غير المهيكل، وصعوبة الولوج إلى العقار والتمويل، وجودة و تأهيل الموارد البشرية، ومشاكل الولوج وبطء القضاء… إلخ.
· الاعتماد على المبادئ الأساسية المحددة في الدستور والتأكيد على مبدأ الشفافية وضمان إلزامية ربط المسؤوليات بالمحاسبة؛
· تجسيد ولوج جميع المواطنين للحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والبيئية ؛
· إشراك الساكنة المحلية في إعداد وتنفيذ وتقييم المخططات التنموية على صعيد الجهة : ففيما يخص التخطيط المجالي قامت مجموعة من الجهات بوضع مخططات جهوية لتهيئة المجال وبرامج للتنمية الجهوية. لكن هاته الآليات الاستراتيجية الضرورية عرفت تأخيرا كبيرا في بلورتها ، وأمام المستجدات المرتقب حصولها على مستوى التقسيم الإداري والترابي أصبح الأمر يحتم إعادة النظر فيها ، وتحيين المخططات المنجزة حاليا والأخذ بعين الاعتبار هذه المستجدات. ومن شأن غياب المخططات التهيئة المجالية وبرامج التنمية الجهوية أن ترسخ انعدام الرؤية والشروع في استثمارات لا تتلاءم مع مؤهلات المنطقة وحاجياتها الحقيقية، ولا تحقق الالتقائية المطلوبة على مستوى الجهة بين الاستراتيجية القطاعية والسياسات العمومية للدولة ومتطلبات المجال، مما سينتج عنه ضياع فرص التنمية الفعلية والإقلاع الاقتصادي والاجتماعي للجهات. وهذا الأمر يتطلب إشراكا حقيقيا للفاعلين المعنيين بالجهات .
من أجل ضمان سياسات عمومية تتماشى مع متطلبات وحاجيات الجهات وخصوصياتها وإمكاناتها، من الضروري وضع برامج تعاقدية بين السلطات العمومية والجهات لتحديد المشاريع الاستثمارية التي سيتم تنفيذها على مستوى الجهة بشراكة مع مجلس الجهة، وفي إطار المخطط التنموي الجهوي.
وتستلزم هذه الشراكة توفر كافة الجهات على هيئات للتشاور تعمل على تشخيص وضعية المجالات الترابية التابعة لها، مما سيمكن من تحديد المؤهلات و المعيقات التي تؤسس للشراكة بين القطاعين العام و الخاص على الصعيد الجهوي.
وبالرغم من أن المغرب عبأ استثمارات عمومية جد مهمة ارتفعت من 47.5مليار درهم سنة 2003 إلى 186.6مليار درهم سنة 2014، إلا أنها من حيث الاستهداف و إن كانت تعتمد على أولويات محددة في كل مرحلة أو في كل قانون مالية فقد سجلت بعض الاختلالات على مستوى التوازن في تغطية المجال الترابي مما أدى إلى تسجيل تفاوتات واضحة على مستوى استفادة الجهات من المشاريع الاستثمارية، فضلا عن التقييم الذي يبرز آثارا دون المتوقع على الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية و على مستوى التنمية المستدامة.
إن مثل هذه الملاحظات المنبثقة عن معاينة مدى بلوغ هذه الاستثمارات مستوى تحقيق الأهداف الرئيسية و الفرعية يقود إلى اعتماد مجموعة من التوصيات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتهيئة الترابية والحكامة، تأخذ بعين الاعتبار الوضع المتقدم للجهوية الذي سيكون عليه التنظيم اللامركزي بالمملكة، وضرورة اعتماد المقاربة المندمجة في التوطين الترابي للاستراتيجيات العمومية.
o الانخراط في رؤية استراتيجية تعمل على انبثاق وتطوير أقطاب تنافسية جهوية
كما تمت الإشارة إلى ذلك من قبل، فإنه يتعين، في إطار تفعيل الجهوية المتقدمة، العمل على تشجيع انبثاق وتطوير أقطاب تنافسية جهوية تمكن من الاستفادة أفضل من جميع إمكانات القطاعات الواعدة، مع الاعتماد على مؤهلات كل مجال ترابي، ووضع الاختيارات الاستراتيجية للقطاعات ذات الأولوية على مستوى الجهة في إطار مقاربة تشاركية، على أن تكون تلك الخيارات هي بمثابة المكونات الرئيسية للعقود-البرامج بين الدولة والجهات.
o وضع شراكة استراتيجية جهوية بين القطاعين العمومي و الخاص
يمكن لهذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص على صعيد الجهة أن تأخذ أشكالا عديدة، منها منح تسهيلات للمقاولات من أجل تشجيعها على الاستقرار في المنطقة ، كما تستطيع الجهات التي تتوفر على مؤهلات كبيرة استقطاب المقاولات الخاصة، لا سيما من خلال استعمال الرصيد العقاري، والإعفاءات الضريبية، والتدبير المفوض للمرافق العمومية، وإشراك القطاع الخاص من أجل تلبية بعض حاجيات الاستثمار في البنيات التحتية و النقل.
كما ينبغي أن تعمل سياسات التنمية الجهوية على تعزيز تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تعتبر مكونا هاما للنسيج الإنتاجي الجهوي، وتتجلى هذه السياسات بالأساس في تشجيع ظهور و اندماج شبكات ومجموعات مقاولات لخلق التعاون بين المقاولات الصغرى و المتوسطة استرشادا بأفضل الممارسات .
o إعادة النظر في هيكلة المراكز الجهوية للاستثمار ودعم قدراتها
وذلك من خلال:
– مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا وفعاليات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، خاصة المقاولات حديثة النشأة من أجل ضمان استمراريتها ؛
– دعم قدرات المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل الولوج إلى سوق المشاريع العمومية والاسهام في الاستثمار العمومي، مما سيساهم في تقوية الطلب الداخلي الجهوي؛
– المساهمة في بلورة الرأي بشأن المشاريع الاستثمارية الجهوية ذات البعد الاقتصادي، وكذا في إعداد المخططات الجهوية للتنمية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، والتي يتم وضعها باستشارة مع المجالس الجماعية والإدارات اللاممركزة القطاعية والمؤسسات العمومية وممثلي الهيآت الاقتصادية والنقابات المهنية والغرف المهنية المعنية والمجتمع المدني .
o خلق مناخ أعمال لجذب الاستثمار الوطني والدولي، يشجع المبادرة الخاصة ويسهل انبثاق اقتصاد اجتماعي وتضامني
يتعلق الأمر بإرساء مناخ أعمال لتقوية جاذبية الجهة للاستثمار الوطني والدولي، ومن شأنه أن يخلق تنافسية اقتصادية جهوية لإنعاش النمو، وتحسين الناتج الداخلي الخام الجهوي، وإحداث فرص الشغل، وتشجيع المبادرة الخاصة، وتيسير انبثاق اقتصاد اجتماعي وتضامني قادر على تأمين تنمية داخلية المنشأ.
وفي هذا الصدد ينبغي العمل على إحداث لجنة جهوية لتحسين مناخ الأعمال، على غرار اللجنة الوطنية، بمشاركة مختلف الفاعلين والمتدخلين من القطاعين العام والخاص.
كما يتعين وضع ميثاق جهوي تحفيزي للاستثمار يقوي جاذبية الجهة، يشمل أساسا التدابير التالية:
– اعتماد تدابير جبائية على أسس الفعالية والإنصاف وجاذبة للاستثمار المنتج؛
– العمل على تسوية وتنظيم العقار العمومي على الصعيد الجهوي، وتعبئته لفائدة الاستثمار المنتج واسترجاع العقار غير المستعمل، مع تسريع تنفيذ الأحكام القضائية وفض النزاعات؛
– العمل على الصعيد الجهوي على الالتزام باعتماد الضوابط القانونية في إبرام الصفقات العمومية ومنها نشر البرامج التوقعية الخاصة بالأشغال والخدمات الخاصة بالسنة المالية والمزمع إنجازها ونشرها للاطلاع .
– التعاقد عبر برامج محددة بين الجهة والدولة من خلال المصالح الخارجية غير الممركزة، وتطوير آليات المتابعة ونظام المراقبة لنجاعة أحسن وفعالية أكبر .
o وضع إطار واضح يضمن استغلالا أفضل للموارد الطبيعية لصالح التنمية الجهوية والمحلية ، مع ولوج شفاف ومنصف إلى هذه الموارد في إطار حكامة تدمج المقاربة التشاركية في كل المراحل:
يتعلق الأمر بتوجيه استغلال الموارد الطبيعية نحو مساهمة أكبر في التنمية المحلية. ففيما يتعلق بالموارد المائية، ،استثمار مياه البحر باعتماد تكنولوجيا التحلية بوسائل قادرة على الاستمرار اقتصاديا ومحترمة للبيئة، وتطبيق فوترة تتطور صوب كلفة استبدال المورد. أما الموارد البحرية، فيتعين في شأنها رفع القيمة المضافة، ومزيد من تطوير الأنشطة التحويلية،. كما يتعين بهذا الشأن الحد من مدة سريان رخص الصيد، ووضع إطار لفرض الرسوم، كل ذلك حسب مستوى الاستثمار وخلق القيمة المضافة وفرص الشغل.
في ما يخص الموارد المعدنية والمحروقات، يتعين إقرار نظام رسوم جهوي ونظام ضريبي وطني ذي جاذبية، في إطار مطابق للضوابط الدولية من أجل تشجيع انخراط الفاعلين الوطنيين والعالميين من الدرجة الأولى، القادرين على الاستثمار في البحث والاستكشاف للموارد الطبيعية وتفعيل الاستغلال بشكل معقلن.
o تطوير اقتصاد اجتماعي وتضامني، يقوم على استثمار المؤهلات الجهوية، ويتيح تحقيق تنمية داخلية المنشأ
– وضع إطار يتيح ضم وتجميع الفاعلين الصغار (وخصوصا على شكل تعاونيات)، وجعلهم يستفيدون، علاوة على الدعم المالي، من مواكبة تضمن اندماجهم في سلسلة القيم، من الإنتاج إلى التسويق ، وتمكنهم من خلق العلامات التجارية الخاصة بالمنتوج الجهوي، وذلك من أجل اعتراف أفضل وتثمين أمثل على المستوى الوطني والجهوي والدولي، وضمانا لفعاليتهم الاقتصادية ودورهم الاجتماعي؛
– دعم الأنشطة والمنتوجات التي تثمن المنتوج المحلي، وتشجيع مهن وخدمات جديدة ذات ارتباط بالطاقات المتجددة، والصناعة التقليدية، والسياحة الثقافية، وتقوية الرأسمال البشري، والأنشطة الإنتاجية ذات المحتوى الثقافي.
• تحديد معايير واضحة لتدبير صندوق التأهيل الاجتماعي للجهات مبنية على خريطة دقيقة للفوارق الجهوية في مجال فعلية الحقوق بمختلف أجيالها، من صحة وتعليم وثقافة وبيئة…إلخ؛
• وضع سياسة اجتماعية جديدة لفائدة الساكنة الفقيرة و الهشة مبنية على الاستهداف، وتحديد معايير الفئات المستفيدة وأوجه الخصاص؛
• وضع إطار مؤسسي وتنظيمي لصالح السياسة الاجتماعية اللاممركزة، من أجل تحديد المهام والمسؤوليات، وتوضيح العلاقات بين مختلف مستويات السلطة (من وطنية وجهوية ومحلية)؛
• تشجيع مشاركة النساء في الدينامية التنموية الجهوية وتطوير قدراتها، بحيث تقوم هذه المشاركة على فعلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
• برامج لتطوير التنمية البشرية
التربية و التكوين
توفير كفاءات جديدة لهيئات التدبير الترابي في التربية والتكوين وهو ما يتعين معه توفر الهيآت الترابية على صلاحيات واسعة بالخصوص في :
• وضع خريطة للعرض التربوي أكثر إنصافا انطلاقا من تحديد موضوعي واستباقي لحاجيات الجهات؛
• وضع مخططات وبرامج لتدبير الموارد البشرية المادية على الصعيد الجهوي؛
• تدبير البرامج التربوية والممارسات البيداغوجية وبالخصوص بواسطة تحضير برامج مدرسية جهوية تستجيب للخصوصيات المحلية وتحديد الحصة المناسبة في البرنامج المدرسي العام؛
• وضع عقود-برامج مع الإدارة المركزية يشارك فيها كل المتدخلين على الصعيد الترابي وبالخصوص الجماعات الترابية ، والمجالس الجهوية، وتحدد الإجراءات التي يتعين اتخاذها على الصعيد المحلي والأهداف المتوخاة منها؛
• تنويع موارد التمويل من خلال الانخراط الفعلي لمختلف الشركاء، الى جانب الدولة، في تمويل منظومة التربية والتكوين على الصعيد الجهوي.
الصحة
• وضع خريطة صحية متوازنة ومنصفة تمكن ساكنة الجهة من الولوج العادل إلى الخدمات العلاجية؛
• تعميم المشاورة بين المنتخبين المحليين والمنظمات غير الحكومية وتنظيم انخراطهم في تقييم وتحسين منظومة الصحة بالجهة؛
• منح منظمات الحماية والوقاية الاجتماعية الوطنية فروع محلية لتسريع معالجة الملفات؛
• تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص في مجال الصحة؛
• تقييم وتحسين السياسات الوطنية والجهوية لوقاية ومعالجة والقضاء على الأمراض المعدية والوبائية؛
• أجرأة المقتضيات القانونية الخاصة بالصحة والتأمين وطب الشغل والوقاية من الأمراض المهنية.
تثمين الثقافة كحق ورافعة للتنمية
· بناء واستكمال البنيات التحتية الملائمة للسياق الاجتماعي والثقافي وذلك بتوفير أماكن عيش ثقافية جاذبة ومُجددة للمدن والجماعات ومستجيبة لشرط القرب من الساكنة؛
· تنويع وإغناء برمجة البنيات التحتية الثقافية الموجودة (خزانات، مراكز العرض، قاعات متعددة الوسائط، متاحف…)؛
· الارتكاز على الثقافة والتراث والفنون لتقوية وتعزيز التماسك والاندماج الاجتماعي والثقافي الجهوي؛
· القيام بإجراءات ووضع قواعد لحماية التراث الطبيعي ، والمعماري واللامادي الجهوي.
- تهييء وتفعيل الجهوية على أساس تمييز عملي وواقعي في مضامين اللامركزية واللاتمركز
إن التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة ، ورغم أن الأحكام الدستورية قد مكنت فيه الجماعات الترابية والجهات ضمن دوائرها الترابية سلطة تنظيمية تجسيدا للتطور الحاصل على مستوي تفريع السلطات ، فإن الحاجة تبدو ماسة لتوضيح المهام والاختصاصات بدقة وتحديد مجال تدخل مختلف الفاعلين ” الدولة المركزية ، الجماعات الترابية ، المؤسسات العمومية ” مما من شأنه دعم الجهوية، وتمكين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمواطنين عموما بمستويات مشاركتهم في الفعل المحلي لأجل ذلك يوصي المجلس بما يلي:
– تقوية الإدارات الترابية بالرفع من قدراتها ومؤهلاتها البشرية الإدارية والمنتخبة؛
– الرفع من وتيرة اللاتركيز الإداري بالموازاة مع التطور الحاصل على مستوى اللامركزية وتماشيا مع تفريع الاختصاصات وتفويت بعض الصلاحيات من المركز للجهات ، لاسيما في مجال حماية الحريات الفردية والجماعية، والعلاقات المهنية والحوار الاجتماعي، والولوج إلى خدمات العدالة والتعليم والحماية الاجتماعية؛
– ضرورة تحقيق التكامل والتنسيق بين المتدخلين: الجهات والجماعات الترابية الاخرى، ووكالات التنمية الجهوية، والمراكز الجهوية للاستثمار، والوكالات الجهوية لإنجاز المشاريع… إلخ؛
– دعم التفاعل الإيجابي والتنسيق بين السلطة التنفيذية المحلية والجماعات الترابية التي تضطلع بالسلطة التنظيمية ؛
– مراجعة هيكلة المالية المحلية بما يتماشى مع السلطة التنظيمية التي أصبحت تتوفر عليها الجماعات الترابية؛
– إعادة النظر في منظومة الجبايات الترابية؛
– خلق حيوية في الأنشطة الترابية من شأنها إعطاء الديناميكية المرجوة للجهة، وهو ما يتطلب إلزامية التنسيق بين مختلف الفاعلين ” سلطات عمومية – المصالح الخارجية للقطاعات – فرقاء اجتماعيين واقتصاديين – منتخبين – مجتمع مدني ” ؛
– تعزيز اللامركزية وتفعيل البرامج المرتبطة بمجال الصحة والوقاية الغذائية، وإنتاج الماء الصالح للشرب والولوج إليه، وحماية البيئة، وإنعاش السكن، والنقل، والعمل الثقافي، والرياضة، والمساعدات الاجتماعية، وتدبير آليات الإدماج وإعادة الإدماج.
- إتاحة الحوار المدني والنهوض بمشاركة المواطنين في القرار الجهوي و المحلي
تعد المساهمة في الحوار المدني ركيزة أساسية لضمان التماسك الاجتماعي وتقدم المجتمع، لذا يوصي المجلس بما يلي :
– تزويد الجهات بهيئة استشارية مخصصة للحوارالمدني والتشاور الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي، تضم بالإضافة إلى الفعاليات الاقتصادية والمهنية المحلية تمثيلية للمجتمع المدني المنظم، وشخصيات مؤهلة وشخصيات مؤمّنة على الذاكرة المجتمعية المحلّية؛
– تحسين جدوة تنظيم تجمعات التحقيقات العلنية والمشاورات العموميةعند الدراساتالأولية للمشاريع العمومية بالاعتماد على استقاء الفاعل العمومي لوجهات نظر المواطنين والأطراف المعنية خصوصا منها المقيمين بالقرب من مكان المشروع، والجماعات المعنية ، والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين؛
– دعم تمثيلية ومجالات اختصاص الغرف المهنية؛
– النهوض الفعلي والملموس بروح وآلية الاقتصاد الاجتماعي التضامني من خلال إطار تنظيمي جهوي خاص؛
– تحديد والاعتماد على معايير موضوعية شفافة وقابلة للقياس في منح الموارد المالية والمساعدات للجمعيات؛
– إقرار التشاور الاجتماعي بين جمعيات المشغلين ونقابات الشغيلة، وتشجيع إبرام اتفاقيات جماعية جهوية وقطاعية (رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول موضوع الوقاية من نزاعات الشغل).
- إصلاح الإطار التنظيمي المتعلق بالمنظومة العقارية، بهدف:
– بلورة مساطر واضحة ومحفزة ملائمة لحاجيات المستثمرين الخواص والتعاونيات والأشخاصذوي الدخل المتدني ؛
– تطهير وتنظيم العقار وإحداث مناطق اقتصادية جهوية متخصصة؛
– اتخاذ السلطات العمومية تدابير لتفعيل استفادة الاستثمار من أملاك الدولة والجماعات الترابية والمبادرة باسترجاع الأصول العقارية غير المستعملة التي تم تفويتها لإنجاز مشاريع ؛
– إحداث مناطق صناعية ومناطق النشاط بمعايير حديثة في جميع مراكز الجهات وبمواصفات محترمة للبيئة، بمبادرة من الجهات وبشراكة مع الدولة كمناطق من الدرجة الأولى .
- الحماية من كل أشكال الرشوة وحماية حقوق المقاولة
– الإسراع بوضع ميثاق المرافق العمومية باعتباره مرجعا يستمد توجهاته من الأحكام الدستورية والمقتضيات القانونية، يضع ” قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة العمومية ” (الفصل 157 من الدستور)، وذلك نظرا للأهمية التي يكتسيها من حيث وضع التزامات الإدارة وموظفيها ومسؤولياتهم في إعداد وتنفيذ السياسات العمومية وفي علاقتهم مع المرتفقين؛
– إرساء هياكل جهوية منبثقة عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها المحدثة بموجب أحكام الفصل 36 من الدستور، تتولى تنسيق سياسات الوقاية من الرشوة، ورصد هذه الظاهرة، وجمع المعطيات الخاصة بها، وتوجيه تقارير بشأنها إلى الهيأة الوطنية؛
– تخصيص حصة ملموسة من الصفقات العمومية للمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا، الموطنة في الجهة المعنية؛ وإنعاش المعاملة التفضيلية لفائدة العروض ذات القيمة المضافة المحلية؛
- الامتصاص التدريجي من حجم الاقتصاد غير المهيكل، بالاعتماد على:
– آليات للتشجيع لتسوية الوضعية الإدارية و الجبائية؛
– تدابير ردعية لمحاربة حالات انتهاك القوانين، وخصوصا في مجال قانون الشغل، والأمن الغذائي، والتشريعات الجمركية.
• المحافظة على الموارد الطبيعية واستغلالها المستدام و تطوير مسالك الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة
يتعين تحويل الدينامية الوطنية فيما يتعلق بالتنمية المستديمة من خلال :
– ابتكار نموذج جديد لحكامة الموارد الطبيعية مبني على المقاربة المجالية وعلى التضامن بين الجهات وبين الفئات الاجتماعية وبين الاجيال و مشاركة الساكنة المحلية في وضع نمط مستدام لاستغلال الثروات الطبيعية و خصوصا الموارد المائية؛
– تثمين الخدمات البيئية التي ينتجها الغطاء النباتي الجهوي وتنوعها البيولوجي و وضع نظام ضريبي بيئي عادل ومحفز للاستثمار في تكنولوجيات النتاج النظيف ومشاريع الحد من تلوث البيئة واقتصاد الطاقة؛
– وضع نموذج اقتصادي جديد يحافظ على الرأسمال الطبيعي ويضمن أعلى مستوى من الانسجام الاجتماعي، وذلك عبر إعداد استراتيجية شاملة لتطوير الاقتصاد الأخضر بالمغرب، تدمج مختلف الاستراتيجيات والبرامج القطاعية، مع الحرص على تنزيلها عمليا على الصعيد الجهوي، ودمج الخصوصيات والإمكانيات المحلية، وتوجيه الاستثمارات نحو المجالات التي تساعد على التحويل الإيكولوجي للقطاعات الاقتصادية الأساسية، والرفع من النجاعة المائية والطاقية، وإنتاج الطاقات المتجددة ذات القدرات الصغيرة والمتوسطة؛
– وضع سياسة إرادية للحفاظ على التنوع البيولوجي للأنظمة البيئية للمجال الترابي، وإعداد مساحات محمية (SIBE – RAMSAR).
• إدماج البعد البيئي و التنمية المستدامة في وثائق تخطيط المجال الترابي وتدبيره
يتعين عند إعداد وثائق التعمير استحضار مفهوم الاستدامة في التوجيهات الخاصة بالتهيئة العمرانية المستقبلية، وخاصة عند إعداد ومراجعة طرق صياغة هذه الوثائق والمصادقة عليها وتحديد مضمونها، وذلك طبقا لمقتضيات القانون الإطار رقم 99-12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة. ولتحقيق هذا الهدف يجب تحديدا القيام بما يلي:
– إدراج القواعد التقنية لمفهوم الاستدامة في المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية وفي تصاميم التهيئة العمرانية؛
– تعزيز مفهوم الإعداد الإيكولوجي من خلال إدماج تكنولوجيات النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة في التصاميم العمرانية، وفي مجالات البناء والسكن، والاستفادة من تقاطعها مع التكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل، وذلك طبقا للمرسوم رقم 2-13-874 المتعلق بالمعايير العامة للبناء المحددة للقواعد الطاقية في المباني. ويحدد هذا المرسوم الذي صادق عليه المجلس الحكومي يوم 14 نونبر 2013 المتطلبات الحرارية والأداء الطاقي الذي يجب احترامها في المباني السكنية والمخصصة للتجارة والخدمات؛
– استحضار مبدأ احترام التوازنات الطبيعية للأنظمة البيئية، وخاصة عبر محاربة الهدْر المجالي، وتثمين التراث الطبيعي والثقافي والمعماري القائم؛
– المحافظة على الأراضي الواقعة في محيط المدن ذات المؤهلات الفلاحية الكبرى، عن طريق التنصيص على وجوب منع وإيقاف التوسع الحضري وتطوير مشاريع فوق هذه الأراضي لتحصينها من هذا المد وإبقاء خصوصيتها الفلاحية ؛
– تشييد المدينة فوق المدينة (تحويل منطقة حضرية ذات كثافة سكانية منخفضة إلى منطقة ذات كثافة سكانية عالية) وفق معايير وطرق تمكن من المحافظة على جودة الوظائف العمرانية.
• فك العزلة عن المجال الترابي وتحسين الارتباطية الوطنية والدولية
يستهدف تحسين الارتباطية ضمان اندماج أفضل للجهات في محيطها الوطني والجهوي. ولا يتحقق ذلك إلا بتعزيز الارتباطية الوطنية والدولية عبر فك العزلة (الشبكات الطرقية، الموانئ، المطارات)، والتهيئة الرقمية للمجال الترابي. ذلك أن تحرير الطاقات البشرية في الجهات لن يتم سوى بتحسين الارتباطية والنهوض بالتهيئة الرقمية للمجالات الترابية.
• ويجب أن يشمل تحسين الارتباطية المحاور الثلاثة الآتية:
– النقل الجوي الوطني والدولي مع التركيز على السياحة؛
– تعزيز الربط بواسطة التقنيات الجديدة للأعلام والتواصل؛
– تعزيز الربط البري لفك العزلة عن الساكنة المعزولة بالمناطق الجبلية والواحات، وإدماج هذه الجهات بباقي مناطق المغرب لاستفادة من قدراتها الطبيعية والبشرية ومنتوجاتها في إطار البرامج الوطنية والسياحة الوطنية .
• تجديد التخطيط و التهيئة الحضرية
يجب أن يتم تطوير التخطيط والتهيئة الحضرية للجهات في احترام لأماكن العيش وللشخصية الثقافية لكل جهة، وفي انسجام مع التوجهات والمؤهلات الاقتصادية من حيث التجهيزات وأماكن العيش التي تساعد على تمتين الروابط الاجتماعية، ومن حيث احترام الخصوصيات الثقافية، ومن حيث المرافق العمومية المحلية والمحافظة على البيئة، مع اعتماد سياسة تهيئة رقمية للمجال الترابي تعبد الطريق أمام المستقبل وتسهل التواصل وتقلص من آثار البعد والعزلة. وفي هذا الاطار يقترح المجلس :.
– وضع أدوات قانونية وتقنية لإضفاء مرونة أكبر على وثائق التعمير، كبديل عن التدبير الإداري للاستثناء في مجال التعمير؛
– وضع إطار قانوني شامل مرتبط بالسياسات العمومية لإعداد التراب والتعمير والسكن والعقار، من أجل تنظيم عمراني أفضل عبر الوسائل التالية :
* وضع إطار قانوني ينظم تهييء وثائق إعداد التراب الوطني وتمفصلها مع وثائق التعمير؛
* وضع مدونة للتعمير، وتجاوز العقبات المطروحة؛
* إدراج برامج السكن المستفيدة من رخص الاستثناء ضمن رؤية شاملة للتعمير في كليته، لتدارك الآثار السلبية المسجلة على مستوى انسجام مكونات مجال التعمير و اشتغاله.
– وضع آليات لتمويل التعمير، بهدف تسهيل عملية تفعيل وثائق التعمير، وتفاديا لنقص في التجهيزات العمومية، وخاصة في المدن، وتشجيع تعمير تدريجي ومنسجم ومحفز على الاستثمار؛
– وضع وسائل مؤسسية وقانونية من أجل التحكم في العقار وتدبيره، كشرط مسبق لتعبئة الأماكن المخصَّصة للتجهيزات العمومية، والمنشآت ذات المنفعة العامة، و تكوين احتياطي عقاري عمومي من طرف الدولة.
إن المجلس، ولمواكبة الإصلاحات القائمة والمساهمة بشكل إيجابي في نجاح ورش الجهوية الموسعة ، يؤكد على :
• تأهيل النظام الوطني للمعلومات الإحصائية، الذي يقوم حاليا على الصعيد المركزي بإنتاج وتحليل ومعالجة ونشر أبرز الإحصائيات العمومية سواء على مستوى إجمالي (نظام المحاسبة الوطنية، والاحصائيات الوطنية) أو تفصيلي (الإحصائيات الجهوية)؛
• الأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الجديدة التي ينبغي على النظام الوطني للمعلومات الإحصائية أن يدمجها بطريقة شمولية و منسجمة، وذلك لأنها تشكل آلية ضرورية في اتخاذ القرار الجهوي، وبروز فاعلين في مجال التنمية الجهوية والمحلية؛
• ضرورة وضع نظام جهوي للمعلومات الإحصائية تفرضها الحاجة الملحة لإحداث آلية معلوماتية لتجميع و معالجة المعطيات التي تغطي مختلف وحدات التنظيم الإداري والترابي؛
• إعداد معطيات دقيقة ومندمجة من شأنها مواكبة السياسات الجهوية و المحلية وترسيخ تطور الاقتصاديات الجهوية ضمن دينامية اقتصاد المعرفة من خلال الاعتماد على التكنولوجيات الجديدة للإعلام و الاتصال؛
وتشكل التحويلات المالية من ميزانية الدولة إلى ميزانية الجماعات الترابية أداة من أدوات اللامركزية الضرورية لإنجاح سياسة الجهوية. إلا أن الهدف الأساسي من وراء هذه التحويلات، والمتمثل في تعزيز التنمية المحلية، يظل رهينا بتبني تدبير شفاف وحكامة فعالة للمالية المحلية وكذا ترشيد هذه التحويلات المالية، وهو ما يجعل من اللازم مواكبتها بإجراءات للتأطير والمتابعة والتسيير.