رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول التدبير المُفوَّض للمرافِق العُمُوميّة في خدْمة المُرْتَفِق​

2016-08-12T22:53:53+01:00
2017-12-10T17:54:39+00:00
آخر الادراجاتالأولىفضاء المواطن
12 أغسطس 2016wait... مشاهدة
رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول التدبير المُفوَّض للمرافِق العُمُوميّة في خدْمة المُرْتَفِق​
رابط مختصر

أحال رئيسُ مجلس النواب على المجلسِ الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ، بتاريخ 15 أبريل 2015، إنجازِدراسة حول التدبير المفوَّض للمرافق العمومية.

وطِبْقاً للمادتين 2  و 7 من القانون التنْظيمي للمجلس، عهد مكتب المجلس بإعْدادِ تقرير في الموضوع إلى اللجنة الدّائمة المكلفة بالقضايا الاقتصادية والمشاريع الاسْتراتيجية.

وخلال دورتها العادية السّابعة والخمْسين، المنْعقدة بتاريخ17 ديسمبر2015، صادقت الجمعية العامةللمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالإجماع على هذا التقرير الذي يحمل عنوان “التدبير المفوَّض للمرافق العمومية في خدْمة المرْتفق”.

 ملخص

إن جعل المواطن في صُلب السياسات والخدمات العمومية هدف يستلزم توفير شروط الرفاه الاجتماعيوتلبية الحاجيات الاجتماعية، التي تتزايدُ باسْتمْرار، وتغْدو أكثرَ إلحاحًا، للحفاظ على التماسُكِ الاجتماعيّ،وبالتالي على الاسْتقرارِ السّياسي والمؤسّساتي. كما أنّ تلبية الحاجِيات تتحقّق، كذلك، منْ خلالِ النُّهُوضِبثقافةِ الشّفافية والمسْؤولية والمُساءلة، وهي الثقافة التي تمثلتْ في إرادة المُواطِنِين في أنْ يُصْبِحوا أكثرَانْخِراطا في الحياة العُموميّة، ويتمتّعوا التمتَّع الكاملَ بِحُقُوقِهم المَدَنيّة والسّياسية والاقتصاديّة.

تُمثل هذه العناصر المقومات الأساسية للتعاقدات الكبرى بين الدولة والمواطن والمتمثلة في توْفيرِ خدماتٍعموميّة جيّدة، مُتاحة لجميع المواطنين دون تمْييز وبتكاليف معْقولة تأخذ في الاعتبار القدرة الشرائية، وذلكمهما كانَ شكل تفويض المرفق العموميّ مع العمل على تطويره، وذلك تماشيا مَعَ حاجيات السّاكنةوحقوقها وانتظاراتها.

تُعتبر الخدْمة العُمُوميّة، في تعريفها الشُّمُوليّ، نشاطا تزاوله السّلطة العُمُومية بكيفيّة مباشرة (الدولة،الجماعة الترابية أو المحلية) أو سلطة أخرى تقَعُ تحْتَ مُراقبتها (وفي هذه الحالِ نتحدّث عنْ خدمة عموميةمفوَّضَة)، بهدف تلبية حاجة ذات مصلحة عامّة للمرْفق العموميّ، مِنْ حيثُ الوُلُوجيّة والجوْدة والسّعر الملائم،ومنْ حيثُ حماية مَصَالِحِ المُستهلِكين. منْ هنا، إذنْ، تُطرح تساؤلاتٌ تتعلق بمُحتوى الخدْمة العموميةوهَدَفها، كما تتعلّقُ بالوُضُوحِ والتملك الجماعيّ للخدْمة العمومية، وبمختلف الفاعلين ودوْرهم الفعليّ،ومختلف العلاقات التي ينْبغي أخذها في الاعتبار، وكذا أشْكال التآزر التي يتعيّن إقامَتها.

إنّ ما ميّز فتْرة منْتصف التسعينيّات هو تنامي الوعْي بالحَاجة إلى ضرُورة تحْسين جوْدة وَوُلوجيّة المرافقالعموميّة المقدمة للمواطنين، كشرْطٍ لازِمٍ ووسيلةٍ أساسية لتحقيق تنْمية مُستدامة ومُدْمِجة. وقدْ تجسّدهذا الفعل وأَخَذَ صبْغة مؤسّساتية مع اعتمادِ دستورٍ جديد خلال شهر يوليوز 2011،  الذي ينصّ على ضرورةالحكامة الجيّدة ( الباب الثاني عشر)، ويجْعل ضمْن أولوياته تحْسين خدْمة المواطن. وفي هذا الشّأن، نحيلُعلى بعض أحكام ومقتضيات الدّستور بهذا الشأن:

  •  الإشارة إلى المبادئ العامة التي منْ شأنها تنظيم المرافق العُمُومية لفائدة المواطن، وتمْكينالجماعات الترابية، على وجْه الخُصُوص، من مبادئ التدبير الحُرّ ومبادئ التعاون والتضامن؛
  •   إحداث آليات تشارُكية للحِوَار والتشاوُر لتيْسير مُساهمة المُواطنات والمُواطنين والجمْعيات في إعْدادِبرامج التنمْية وتتبّعها. كما يُمكن للمُواطناتِ والمُواطنين والجمْعيات تقديم عرائض، الهدف منهامطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اخْتصاصه ضمْن جدول أعماله؛
  •   وضع ميثاق للمرافق العُمُومية يحدّد قواعد الحَكامة التي منْ شأنها تنفيذ هذه المبادئ، بالمُوُازاة معتقييم العمليّات والمُسَاءلة.

وهكذا، فإنّ السّلطات العُمُومية قد أعْطت الأوْلويّة، كوسيلةٍ لتحْسين الخدمات العُمُومية المقدَّمة للمُواطنين،بإشراك القطاع الخاص، الوطنيّ والدوليّ، عنْ طريقِ عُقُودِ التدبير المفوَّض.

وفي هذا الاتّجاه، صدر القانون رقم 54-05 المتعلق بالتدبير المفوَّض للمرافق العموميّة رغْبَة من السلطاتالعمومية في إحْداثِ قطيعةٍ في اتّجاه تحْقيقِ شفافيةٍ أكثر، وتأطيرٍ أفْضل للمُحيطِ التشْريعيّ والتنظيميّللعقود المُبْرمَة بيْن القطاعين العام والخاص. وَمَعَ ذلك، لا تزالُ هناك العديد منْ أشْكالِ العوائق التي تحولُدونَ التطبيق الفعليّ والتلقائي لهذا الإطار القانوني، الناقص، ولا سيّما في غيابِ صُدورِ المَرَاسيم التطْبيقيةالمتعلقة بتفْعيله. وبصفةٍ أعمّ، ينبغي التأكيد على أنّ الفاعلين في مجالِ التدبير المُفوَّض – المفوِّضوالمفوَّض إليْه – يجب أن يحترموا النّصوص المعمول بها، وذلكَ استجابة لمبدأ فعْليّة القوانين.

غيْر أننا نُسَجِّل بأنّ تطوّر مُمارسة التدْبير المفوَّض، على غرارِ بلدانٍ أخرى، قدْ سَبَقَ إرْساءَ المُحيطِالتشْريعيّ. وبالفعل، فإنه غداةَ اعْتمادِ سياسة تحرير القطاع العامّ، التي انطلقتْ في نهاية ثمانينيّات القرنالماضي، تزايدتْ وتيرة ابتعاد الدولة عن التزاماتها لفائِدة القطاع الخاص، وبالتالي تمَّ إبْرام العديدِ منْ عقودالتدبير المفوَّض، في الوقْتِ الذي لمْ يكنْ موْجوداً فيه أيّ قانون في هذا الشّأن. هكذا، وفي إطارِ الخدماتالعمومية المحلية، تمّ عقد العديد من الشّراكات ما بيْن الدولة، أو الجماعات المحلية، وبين المستثمِرينالخواصّ في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطنيّ، التي يمكن أنْ نذْكُرَ منها على وجْه الخُصُوصِ:

  •  التدْبير المفوَّض لمرافق توْزيع الماء والكهرباء والتّطْهير السّائل بالدار البيضاء الكبرى (1997)، والرباط-سلا (1998)، وطنجة- تطوان (2002)؛
  •    الإنتاج المستقلّ للكهرباء بالجرْف الأصفر، الذي تمّ التوقيع على اتفاقيته الشّمولية سنة 1996؛
  •   عقْد الامتياز لفائدة شركة الطرق السّيّارَة بالمغرب لبناء واسْتغلال محاور الطُّرُق السّيّارة؛
  •  التدبير المفوَّض لمرافق النفايات الصلبة في الجماعات الحضرية في كلّ من الصويرة، والرياض- أكدال،والرباط- حسان، وفاس-أكدال، ووجدة، والدار البيضاء الكبرى.

وبالتالي، فإنّ القانونَ الخاصّ بالتدبير المفوَّض لم يَرَ النورَ إلا في وقتٍ لاحقٍ، سنة 2006، ليعْمل فينهاية المَطاف على التأطير القانونيّ والتنظيميّ لمُمارسَة موْجُودة مِنْ قبلُ.

إنّ التدْبير المفوَّض، الذي يوجَدُ اليوم في قلْبِ انْشغالات المواطنين، والانشغالات السياسية والمؤسّساتية،يبدو بمثابةِ إحدى وسائل تغيير مُمَارسة الفعل العُمُومي، التي تمكّن الدولة من الانخراط في منطقالمؤسّسة الاستراتيجية التي تحفّز وتنسّق وتراقب، كما تمكّن الجَمَاعاتِ المَحَلّيةَ منْ تفويضِ مرافقَعموميّةٍ، تابعةٍ لها، إلى مؤسّسات عُمُومية أوْ خاصّة، منفصلة عنها، غير أنّ الجماعات المحلية تحتفظُبصلاحيات مُراقبتها، والدّفاع عنْ مصالح المُواطنين.

وعليه، فإنّ التدبيرَ المفوَّض، إذنْ، يهدف إلى:

  • تعْزيزِ وتحْسين التوْريد، ونوْعية المرافِقِ، والبنْيات التحتية الإدارية والاقتصاديّة والاجتماعيّة، منخلال الاستجابة لتزايُدِ الحاجيات ومتطلبات التنْمية التُّرابية، مع إدمْاج إكراهات المالية العمومية؛
  • جلْبِ استثمارات القطاع الخاص، والاستفادة منْ قُدُرَات الابتكار والتمْويل من القطاع الخاصّ لتنفيذالمَشَارِيعِ العمومية؛
  • تطْويرِ ثقافة جديدة تتعلق بتدبير الطّلبات العمومية، ترتكز على التقييم القبْليّ للحاجيات، وعلىتحليل الأداء، والتحكّم في التكاليف، ومُراقبة الإنجازات؛
  • ضَمانِ جاهزيّة المَرَافق وفعْليّتها وجوْدة الخدمات المقَدَّمَة للمواطنين، وكذا تحْصيلِ أجْرَتها بحسبمعايير الأداء.

وإذا كانتْ هذه الأهداف محمودة، فإنّ عقود التدبير المفوَّض، في الممارسة العملية الوطنية، والتي مُنحتْطيلة العشرين سنة الماضية، تثير مع ذلك تساؤلات مختلفة من بينها:

  • توْسيع اللجوء إلى مقدِّمِي الخدمات الخواص في المجالات التي تُعتبرُ مجالات استراتيجيّة، والتيتدخل ضمْن المهام السيادية للدولة، تطرح مسألة الضّمانات التي يمكن أن تقدّمها الدولة لضمانشروط الولوج والإنصاف المستقبلي لهذه المرافق بالنسبة للمواطنين؛
  • وبصفة عامّة، يمْكن اعتبارُ توْسيع مجال تدخّل القطاع الخاص في المرافق العُمُومية، إذا لم يكنتأطيره القانوني مُحكَماً بما يكفي، بمثابة تملُّصٍ للدولة منْ مسْؤُوليتها، مَعَ ما يُصاحب ذلك منْمخاطِر اجتماعيّة تتهدّدُ المُستخدَمين والمواطنين\المرتفقين على حدٍّ سواء؛
  •    حجم المجْهود الذي يتعيّن أنْ تبذله الدولة لتعزيز المقاولات الوطنيّة في مواجهة المجموعاتالأجنبية الكبْرى، التي لها قدرات تقنية ومالية وقانونية تفوقُ في بعض الحالات حتى القُدُرات التيتتوفّر عليها الدّول.

وَهَكذا، ففي سياق تراجُعِ الموارد المالية، وتنامي الحاجة إلى التجْهيز على مسْتوى البنيات التحتية، فإنّمسؤولية المرافق العمومية المحلية التي تقع على عاتِقِ الجماعات المحلية تستحق تفكيرًا عميقًا سواءفيما يتعلق بقدرتها على التدْبير والمُرَاقبة، أو قدْرَتها على التدبير المُباشر، أو منْ خلال عُقُود للشّراكة.

إنّ الدّافع منْ وراءِ هذا التفكير هي الانشغال المتواصِل الذي عبّر عنه المجلسُ الاقتصاديّ والاجتماعيّوالبيئيّ للمُساهمة في تقديم إجابات تتعلق بالمتطلّبات الملحّة والمشروعة للمواطنين، بآمالهم في تحقيقالإنْصاف الاجتماعيّ، واقتصاد مفتوح يكونُ في خدمة التنمية البشرية، وحكامة تؤطّرها مبادئ الشفافيةوالمسْؤولية والمُساءلة، وذلكَ بهدف تحْسينِ الخدمة العموميّة المُقدَّمَة للمواطِنِ.

تنْبع نتائج التحليل والتوصيات التي أعدّتها اللجنة منْ ترصيد التراكم الذي حقّقته أعمال وتقارير المجلسالاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ، منذ إنشائه في سنة 2011، من جهةٍ، كما تنبع، منْ جهةٍ ثانية، منْ عمليةالإنْصات والتشاوُر مع الإدارة المركزيّة، والمنْتَخَبين المحلّيّين، والفاعلين من المجتمع المدني، والفاعلينالاقتصاديّين والاجْتماعيّين العاملين في القطاعات المعْنية بالتدْبير المفوَّض

لقد اعتمدَتْ عمليّة تقييم صيغة التدبير المفوَّض في المغرب على تشْخيصٍ مكّنَ من الوُقُوف على أبْرزجوانب القُصُور ونقاط الضّعف التي ينْبغي أنْ تتداركها التوْصيات، منْ خلال ترصيد مؤهّلات ومميزات المغرب،وكذا ترصيد نقاط القوّة التي راكمتْها بلادنا عبْر مختلف مَرَاحِلِ تطْوير وإصْلاح نموذَج تدْبير المرافق العموميّة.وانطلاقًا منَ المعْطيات التي تم جمْعها وتحليلها، تحدّدت العديد من المحاور التي تشكِّل رافعاتٍ تمكّنُ منتوْجيه الخيارات الاستراتيجية المتعلّقة بالتدْبير المفوَّض، وتفعيل التحوّلات الكبرى التي تنتج عنها

تعرضُ هذه الوثيقة التركيبيّة نتائجَ هذا التحليل، وتجْمَعُ مُقترحات المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّمنْ أجل تدبير مفوَّض واضح وشفّاف بالنسبة للجميعِ، يُعطي الأولوية للنّجاعة الاقتصادية التي تضمن توليدًامستداما للثروة، في مَجَالِ خلق القيمة المُضافة المحلية، وخلق فرص الشغل؛ أيْ تدبير مفوَّض يعمل علىتعزيزِ الوُلُوج المُنْصِف والعادِل لجميع المواطنين إلى خدماتٍ عُمُومية ذات جوْدة

ودونَ الدّخول في مدى وَجَاهة أو عدم وجاهة لجوء الجماعات المحلية إلى إبرامِ عُقُود التدبير المفوَّض، فإنّالمجلسَ الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ جعل تحليلَه مقتصرًا، عنْ وعْيٍ، على  تحليلِ المُمارسات المتعلقةبتفويضِ الخدْمة العمومية، وبالتالي، فقد انصبّ اهتمامه، من خلال التوْصيات التي أعدّها، على تقديم إجاباتتهمّ مختلف الرّهانات ذات الصّلة بهذا النوع من العقود. ومن ثمّ، إذنْ، فقدْ أعطى المجلسُ الأولويةَ لتوْصياتٍكفيلةٍ بحماية مصالحِ المواطنين والنّسيج الاقتصاديّ الوطنيّ والمال العام، مع ما يستتبع ذلك منْ آلياتٍللحكامة تمكّن من عمليّة الضبط والمُراقبة خلال جميع مراحل المشروع، بدْءًاً منْ مرحلة إعداده إلى مرحلةإطلاقه، وذلك بالاستفادة من التجارب، ولا سيّما التجارب المتعلقة بالعقود التي هي في طوْر التدبيرالمفوَّض. وعليْه، فإنّ ضمانَ احترام حقوق المواطنين والمرتفقين والمسْتَخدَمين، في إطارِ عقود التدبيرالمفوَّض، يُعدُّ أولويّةً رئيسية يضَعُها المجلسُ نصْبَ عيْنيْه، والتي تمكّن، على المدى البعيد، منْ إبراز خبْرةوثروة وطنيتيْن.

وتجدر الإشارةُ، أوّلاً، إلى أنّ المرفق العموميّ يقع تحت المسؤولية الدائمة للدولة، التي تؤسّس لدولةالحقّ، سواء على مستوى ضمان الوُلُوج إلى المرفق أو على مستوى جوْدته. كما ينبغي أنْ تنصّ جميعأشكال تفويت هذه المَرَافق العُمُوميّة، بما فيها عقود التدبير المفوَّض، على اللجوء، عند الاقتضاء، إلى مبدأالتعويض في حالِ فشل الفاعل المفوَّض إليه (بفاعل آخر أو خدمة مباشرة) ضماناً لاستمرارية المرافقالعموميّة وجوْدتها.

وفي هذا الاتّجاه، وبما أن الدولة هي التي تضْمن الحقّ في الوُلُوج إلى المَرَافق العُمومية، فإن ذلك يجبُ أنْيستجيبَ لمعياريْن أساسييْن: معيار أوّل يتعلّق بالشموليّة المُعمَّمة، ومعيار آخر يتعلّق بأقلّ كلفة بمُرَاعاةالقُدْرة الشّرائية للمواطنِين.

وفي هذا الصدد، فإنّ إعادةَ النظرِ في نَمُوذج التدبير المفوَّض ينبغي أنْ ترْتكز، بالضّرورة، على مقاربة متعدّدةالمُستويات. لذلك، من اللاّزم، أوّلاً، البدْء بإنْجازِ دراساتٍ قبْليّة حوْلَ شكل التدبير الأنْسب للمَرْفق العموميّ:اللجوء إلى تدبيرٍ مُباشرٍ، أو الاعتماد على وكالة مباشرة تتولّى التدبير بكيْفيّة مستقلّة، أو إبْرام عقد للتدبيرالمفوَّض، أو بالأحرى اللجوء إلى عقد شراكة بيْن القطاعيْن العامّ والخاصّ. وإذا ما تم الاتفاق على الاحتفاظبالتدبير المفوَّض كنمط من أنماطِ تدبير المَرْفق العموميّ، فإنه يتعيّنُ القيام بتحليلِ لتحْديد الشّكل الأنْسَبللتّدْبيرِ المفوَّض: عقد الامتياز، عقد الإيجار، عُقود التدْبير أو الخدمة. وفي الختام، وبعد تحديد شكل التدبيرالذي سيتمّ اعتمادُهُ، فإنه يتعيّنُ تسليط الضوْء على معايير نجاحه، مما يتطلب:

  1. توْضيح واستكمال الترْسانة القانونية والتنظيمية المتعلّقة بتفويض المرافق العمومية، لتمْكينِالجماعات المُفوِّضة والشركات المفوَّضِ إليْها منَ الاستفادة منْ أداة تشريعيّة واضحة وآمنة؛
  2. تحسين طُرُق إبرام وتدبير عقود التدبير المفوّض، وذلك في أفق جعلها رافعة للتنْمية الاقتصاديةوالاجتماعية والبيئية؛
  3. وضْع تدابير للمُصاحَبَة تتصل بالشفافية والحكامة بالنسبة إلى هذا النّوْع من المَشاريع

http://www.ces.ma/Documents/PDF/Saisines/2015/S-18-2015-Gestion-deleguee-des-services-publics/Rapport-S-18-VA.pdf

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.