« … يعتبر موضوع التأمين من المواضيع المعقدة والمتشعبة لأن الأمر يتعلق بنظام متكامل، يلامس المجال الاقتصادي والمالي والجانب الفني وكذا الجانب القانوني. والواقع أن هذه الجوانب وإن كانت تبدو مستقلة بذاتها وتخضع بالتالي للتخصص العلمي للمهتمين بكل ميدان، فإنها تتداخل وتتفاعل على عدة أصعدة مما يستلزم إلمام كل مهتم بالمبادئ والقواعد الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام.
ولما كان هذا المؤلف يتعلق بالجانب القانوني من نظام التأمين فقد حاولت جهد الإمكان استحضار هذا المعطى لدراسة بعض المسائل الفنية بصفة مبسطة وذلك لفهم الأسباب والغاية من الأحكام التي وضعها المشرع لتقنين التأمين.
والذي يلاحظ أن تقنين التأمين البري عرف في بدايته عدة إكراهات قبل أن يظهر إلى الوجود، حيث كان الخلاف الفقهي محتدما بين محرم ومحلل لهذا النشاط، لذلك تم تقنينه أول الأمر بمقتضى نص تنظيمي المتمثل في القرار الوزيري المؤرخ في 28 نوفمبر 1934. ولقد ظل هذا النص ساري المفعول إلى أن صدر القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.238 بتاريخ 3 أكتوبر 2002.
وبعد ذلك خضع هذا القانون لعدة تعديلات وتتميمات لعل أهمها التعديلات التي أتى بها القانون رقم 12-64 القاضي بإحداث هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والقانون رقم 59.13 الذي قنن التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي وفرض إجبارية التأمين على مخاطر الورش وعلى المسؤولية المدنية العشرية وعدل وتمم ونسخ وعوض مواد عديدة من المدونة، والقانون رقم 110.14 يتعلق بإحداث نظام لتغطية العواقب الكارثية وبتغيير وتتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات .
ولقد أحدثت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، التي تعتبر شخصا اعتباريا من أشخاص القانون العام، لتتولى مراقبة عمليات التأمين وإعادة التأمين وكذا عرض هذه العمليات، وعمليات التقاعد، والإيرادات الخاضعة للقانون المتعلق بتعويض الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل، والتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وجمعيات التعاون المتبادل الخاضعة لقانون 12 نوفمبر 1963 والصندوق الوطني للتقاعد والتأمين الخاضع لظهير 27 أكتوبر 1959.
وتصدر الهيئة مناشير تطبيقا للقانون المحدث لها ولأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وتصادق الإدارة على هذه المناشير وتنشر في الجريدة الرسمية …»
