بين قضاء التحكيم وقضاء الدولة تعاون وأوجه تشابه
كريم الرود
باحث قانوني و وسيط في حل النزاعات
إن الحديث عن أوجه التشابه بين الهيئة التحكيمية و القاضي الرسمي يجد تبريره في وجود عدة قواسم مشتركة بينهما، حيث أن أوجه التشابه بين المحكم و القاضي هو نفس التشابه المبدئي بين قضاء التحكيم وقضاء الدولة[1] ومن تم فإن الهيئة التحكيمية تتولى مهمة قضائية حقيقية، بحيث يلج إليها الأطراف المتنازعة بمحض إرادتهم و يطرحون نزاعاتهم عليها التي ينظر فيها محكمين متخصصين في طبيعة النزاع ليفصلوا بناء على ما راكموه من تجربة و كفاءة وخبرة في نوع النزاع المذكور.
وباتفاق التحكيم يحل هذا القضاء الخاص محل قضاء الدولة في حماية الحقوق و تحقيق العدالة وهذا أول قاسم مشترك بينهما و يكون القرار أو الحكم التحكيمي إلزاميا شأنه شأن القرار القضائي هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنهما يتشابهان من حيث الآثار التي يرتبها الحكم القضائي وكذا التحكيمي في أن كلاهما يكتسبان حجية الشيء المقضي به والقوة التنفيذية [2].
إضافة إلى ما سبق فهم يتشابهان من حيث ضرورة احترام المبادئ الأساسية للتقاضي لكونها من النظام العام و يمكن اعتبار ضرورة الالتزام بها من قبل الهيئة التحكيمية ضمانة منضمانات المحاكمة العادلة في الفصل في النزاعات المعروضة على هذا القضاء الخاص، ويمكن عرض قوة الوظيفة القضائية للهيئة التحكيمية المشابهة للقضاء الرسمي على النحو التالي:
* احترام مبدأ المساواة بين الخصوم
ويتم ذلك بتهيئة فرص متكافئة لكل طرف لعرض دعواه و تحقيق دفاعه ولا يمنح أحد الخصوم حقا دون منحه للآخر و ينبغي على القاضي وكذا المحكم ألا يتأثر بالنفود القانوني أو الاقتصادي أو السياسي لأحد الأطراف.
* احترام مبدأ حقوق الدفاع
ويقصد بهذا المبدأ ضرورة سماع وجهة نظر الخصوم في الطلبات و الدفاع و منحهم بشكل متساوي المهل والآجال القانونية لتقديم هذه المسائل ومنحهم الوقت الكافي للدراسة والاطلاع وسماع ردهم وتحقيق دفاعهم.
* احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم
مبدأ التواجهية هو من المبادئ الأساسية للتقاضي سواء أمام الهيئة التحكيمية أو القضاء و يرجع ذلك إلى أنه يضمن احترام حقوق الدفاع، و تطبيق هذا المبدأ في التحكيم يتلاءم مع الطبيعة القضائية لمهمة المحكم.
وتجدر الإشارة إلى أن الإخلال بهذا المبدأ يعرض الحكم التحكيمي لعدم التنفيذ أو الحكم ببطلانه[3].
وانطلاقا من القواسم المشتركة بين المحكم و القاضي الرسمي المبينة أعلاه، يمكن القول مبدئيا بتكافؤ الوظيفية القضائية لكليهما مما يبرر اكتساب الحكم التحكيمي لحجية الشئ المقضي به وإمكانية تذييله بالصيغة التنفيدية.
____________
[1] سوالم سفيان، الطرق البديلة لحل المنازعات في القانون الجزائري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية، قسم حقوق الجزائر، السنة الجامعية، 2011، ص 23
[2] عيسى بادي سالم الطراونة، دور المحكم في خصومة التحكيم، رسالة الماجستير مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص، جامعة الشرق الاوسط، السنة الجامعية، 2011، ص 23.
[3] محمد المختار الراشدي، اجراءات مسطرة التحكيم، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد117 نونبر-دجنبر2008، ص 28-24.