التنظيم القانوني لجائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية
عبدالحكيم زروق
مقدمة:
يعود تاريخ الجوائز الرسمية التي تمنح من ميزانية الدولة في المغرب الى سنة 1925 حين قررت سلطات الحماية الفرنسية إنشاء جائزة أدبية أطلقت عليها اسم “الجائزة الأدبية الكبرى للمغرب”. هذه الجائزة، التي كانت تمنح سنوياً لأعمال تستلهم الحياة المغربية في النصف الأول من القرن الماضي، ظلت لسنوات طويلة وقفاً على الفرنسيين، سواء أكانوا مقيمين أم عابرين من كتّاب الرحلات. لكن القاعدة كُسرت للمرة الأولى عام 1949 حين تمكن مغربي من الفوز بها، هو الأديب الراحل أحمد الصفريوي، أحد الرواد الأوائل لما أصبح يسمى اليوم “الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية”، وكان العمل الفائز روايته الأولى “سبحة العنبر”.
بعد حصول المملكة المغربية على استقلالها ألغيت هذه الجائزة، وصدر قرار عن وزير الثقافة عام 1974 قضى بإنشاء أول جائزة وطنية، هي جائزة المغرب للكتاب التي تمنح في حقول مختلفة، كما تم إحداث عدة جوائز في ميادين أخرى، لحقتها عدة تعديلات الهدف منها مسايرة المتغيرات التي يعرفها عالم البحث والابتكار.
وقد حصل المجال الديني على حصة الأسد من الجوائز الرسمية، بحيث تم إحداث جائزة الكتاب المغربي في الدراسات الاسلامية، وجائزة محمد السادس لحفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده وتفسيره، وجائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية، وجائزة محمد السادس لأهل القرآن، وجائزة محمد السادس لأهل الحديث، وجائزة المجلس العلمي الأعلى للخطبة المنبرية، وجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية.
كما تم إحداث في مجالات أخرى جائزة الحسن الثاني للمخطوطات، وجائزة الاستحقاق الكبرى الثقافية، وجائزة الحسن الثاني الكبرى عن الاختراع والبحث في الميدان الفلاحي، وجائزة الحسن الثاني للبيئة، وجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء، والجائزة الوطنية الكبرى للصحافة، وجائزة المغرب للكتاب، والجائزة الكبرى للابتكار والبحث في العلوم والتكنولوجيا وميدالية العلوم والتكنولوجيا، وجائزة محمد السادس للهندسة المعمارية، وجائزة محمد السادس لفن الخط المغربي، والجائزة الوطنية لأمهر الصناع.
وسنحاول من خلال سلسلة مقالات جرد جميع الجوائز التي تم إحداثها من طرف المشرع سواء بنصوص تشريعية أم تنظيمية نشرت في الجريدة الرسمية، مع العمل على التعريف بهذه الجوائز وبيان فروعها أو أصنافها في الحالات التي يكون لها ذلك، مع بحث الشروط الواجب توافرها في المترشح لها، والوقوف عند كيفية تشكيل اللجان التي منحها المشرع صلاحية اختيار الفائزين بها، دون إغفال قيمة هذه الجوائز ومبلغ التعويضات الذي يخصص لأعضاء اللجان التي قامت بمهمة التحكيم وتحديد من له الحق في نيلها.
وبعد أن تناولنا في الحلقة الماضية جائزة المغرب للكتاب وجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية و جائزة محمد السادس في حفظ القرآن الكريم وترتيله وتجويده وتفسيره ، سنتناول في هذه الحلقة الرابعة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية
وهكذا، إيمانا من جلالة الملك محمد السادس بقدرة الدين الإسلامي الحنيف على توفير الحلول المناسبة لكل المشاكل والقضايا التي تشغل بال الأمة الإسلامية، وسمو قيمه السمحة القائمة على الوسطية والاعتدال والبعيدة على الغلو والتطرف، ورفعة تعاليمه الداعية إلى إعمال العقل والفكر وطلب العلم وتسخيره في كل مناحي الحياة؛
وسعيا لإبراز حقيقة الإسلام والكشف عن مكنونات الفكر الإسلامي الثري وتقديمها وتداولها باللغات الحية، وفي صورتها النقية بعيدا عن كل تشويه أو تحريف، وتشجيع الأبحاث والدراسات الجادة والرصينة المنجزة في المجال الإسلامي ودعم الحركة الفكرية والعلمية بالمملكة.
ورغبة من جلالته في توسيع مجال جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية ليشمل مختلف العلوم الإسلامية وعدم الإبقاء عليه محصورا في المواضيع المرتبطة بالعلوم الشرعية، وتوجيه الأبحاث والدراسات إلى قضايا العصر وإلى المواضيع التي تستأثر باهتمام العالم الإسلامي وتلامس الجوانب الاجتماعية والدينية للمواطنين، ورفع القيمة المالية للجائزة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف لمكافأة الأعمال العلمية القيمة والشخصيات العلمية الإسلامية البارزة التي خدمة الفكر الإسلامي خدمة جليلة صادقة، بما يناسب الجهد المبذول من طرفها، ورفع مدة إنجاز الأبحاث إلى سنتين لتوفير الوقت الكافي لإنتاج أبحاث جادة ورصينة من المستوى العلمي الرفيع.
أصدر جلالته أمره الشريف بمنح جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية المحدثة بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.01.129 الصادر في 29 من ربيع الأول 1422 ( 22 يونيو2001) سنويا عن دراسة أو عدة دراسات تنجز في مجال العلوم الإسلامية. إلا قد تم نسخ أحكام هذا الظهير بمقتضى المادة السابعة عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية[1].
أولا: شروط نيل جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية
تشتمل جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية على الصنفين التاليين:
- جائزة محمد السادس التنويهية التكريمية.
- جائزة محمد السادس للدراسات الإسلامية[2].
الصنف الأول: جائزة محمد السادس التنويهية التكريمية
تمنح جائزة محمد السادس التنويهية التكريمية لمكافأة العلماء الذين قدموا بحوثا ودراسات وخدمات علمية في مجال العلوم الإسلامية[3]
ويشترط في المرشح لنيل جائزة محمد السادس التنويهية التكريمية:
- أن يكون مسلما من الشخصيات العلمية البارزة التي خدمت الفكر الإسلامي خدمة جليلة وصادقة.
- أن يقدم أعمالا علمية قيمة في المجال الإسلامي[4].
الصنف الثاني: جائزة محمد السادس للدراسات الإسلامية
تمنح جائزة محمد السادس للدراسات الإسلامية لمكافأة الأبحاث المنجزة في أحد فروع هذه الدراسات وفي غيرها من القضايا الفكرية التي تستأثر باهتمام العالم الإسلامي[5].
ويشترط في البحوث أو الدراسات المرشحة لنيل جائزة محمد السادس للدراسات الإسلامية:
- أن تنجز في الموضوع الذي تختاره اللجنة المكلفة بالجائزة؛
- أن تكون علمية أصيلة ولم يسبق لأصحابها أن نالوا بها أي جائزة من قبل؛
- أن تكون مكتوبة باللغة العربية أو بغيرها من اللغات الحية وأن تكون مرقونة من خمس نسخ ومسجلة في قرص مدمج؛
- أن تسلم إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قبل تاريخ تسليم الجائزة بثلاثة أشهر[6].
ثانيا: لجنة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية
تعين السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، لجنة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية من إثني عشر عضوا من بين العلماء والباحثين المغاربة ذوي الاختصاص، المشهود بمكانتهم العلمية ونزاهتهم الفكرية، بالإضافة إلى مدير الشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفته مقررا. ولا يجوز لأي عضو من اللجنة الحصول على جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية[7].
هذا، ويرأس وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لجنة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية. ويمكنه أن ينيب عنه أحد الأعضاء عند الاقتضاء[8]. وتجتمع اللجنة قبل تاريخ تسليم الجائزة بثلاثة أشهر لدراسة الأبحاث المرشحة وقراءتها وتقديم تقارير عنها، وذلك في جلسات تحدد تواريخها من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ولا يعتبر اجتماع اللجنة قانونيا إلا بحضور ثلثي الأعضاء على الأقل[9].
ويعهد إلى لجنة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية بما يلي[10] :
- اختيار موضوع البحث أو الدراسة، والإعلان عنه قبل سنتين من تسليم الجائزة بالنسبة للدراسات والأبحاث التي تختار اللجنة موضوعها.
- ترشيح الشخصيات العلمية للجائز التنويهية التكريمية .
- تحديد الفائز بالجائزة بصنفيها .
- يكلف الأعضاء الذين يرشحون شخصيات علمية لنيل الجائزة التنويهية التكريمية بتقديم نبذة عن حياة مرشحيهم العلمية.
تتولى اللجنة فحص الأبحاث والدراسات المرشحة لنيل جائزة محمد السادس لدراسات الإسلامية على مرحلتين[11]:
- مرحلة القراءة لإبعاد البحوث غير المؤهلة للترشيح .
- مرحلة إمعان النظر في البحوث المؤهلة .
- يمكن للجنة أن تستعين بالخبراء المختصين عند الاقتضاء.
تجتمع اللجنة لتحديد الفائز بالجائزة، إما بالاتفاق أو عن طريق التصويت السري وبأغلبية الأصوات، وفي حالة تعادل الأصوات يرجح جانب الرئيس[12].
ثالثا: قيمة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية وتعويضات أعضاء لجنتها
- قيمة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية
يمنح الفائز في كل من صنفي جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية مبلغ مائتي ألف درهم (200.000)، مع شارة تذكارية وشهادة تنويهية .
ويمكن للجنة منح الجائزة مناصفة بين مرشحين والاحتفاظ بصنف جائزة محمد السادس للدراسات الإسلامية إذا لم تقتنع بالقيمة العلمية للأعمال المرشحة[13].
وتجدر الإشارة إلى أنه يؤدى مبلغ جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية بصنفيها وكذا مصاريف تنظيمها من إعتمادات ترصد لهذه الغاية في ميزانية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية[14]. وتسلم بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف[15]، على أن لا تمنح هذه الجائزة إلا مرة واحدة للفائز بها[16] .
- تعويضات لجنة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية
تمنح تعويضات جزافية لأعضاء لجنة جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية عن مشاركتهم في أشغالها من الاعتمادات المفتوحة في ميزانية وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية[17]، تحدد على الشكل التالي[18] :
- تعويض جزافي قدره 15.000 درهم لرئيس اللجنة؛
- تعويض جزافي قدره 13.000 درهم لكل عضو من أعضاء اللجنة؛
- تعويض جزافي قدره 10.000 درهم لفائدة المقرر.
[1]– منشور بالجريدة الرسمية عدد 5490 بتاريخ 21 ذو الحجة 1427 ( 11 يناير 2007).
[2] – المادة الثانية من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”. منشور بالجريدة الرسمية عدد 5490 بتاريخ 21 ذو الحجة 1427 ( 11 يناير 2007)
[3] – المادة الثالثة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[4] – المادة الرابعة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[5] – المادة الخامسة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[6] – المادة السادسة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[7] * المادة السابعة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[8] – المادة الثامنة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[9] – المادة التاسعة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[10] – المادة العاشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[11] – المادة الحادية عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[12] – المادة الثانية عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[13] – المادة الثالثة عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[14] – المادة الرابعة عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[15] – المادة الخامسة عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[16] – المادة السادسة عشرة من ظهير شريف رقم 1.06.167 صادر في 30 من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعادة تنظيم “جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية”.
[17] – المادة الأولى من قرار مشترك لوزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية ووزير الاقتصاد و المالية رقم 191.08 صادر في 13 من جمادى الأولى 1429 (19 ماي 2008) بمنح تعويضات لأعضاء لجنة جائزة محمد السادس للفكر و الدراسات الإسلامية. منشور في الجريدة الرسمية عدد 5639 بتاريخ 12 جمادى الآخرة 1429 (16 يونيو 2008).
[18] – المادة الثانية من قرار مشترك لوزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية ووزير الاقتصاد و المالية رقم 191.08 صادر في 13 من جمادى الأولى 1429 (19 ماي 2008) بمنح تعويضات لأعضاء لجنة جائزة محمد السادس للفكر و الدراسات الإسلامية.